بنفسه عن الأوحدي تجعلنا نصل إلى حكم صحيح حول صحّة أو عدم صحّة الاتّهام الذي ساقه السّخاوي.
فأقدم هؤلاء الثلاثة ابن دقماق ولد سنة ٧٥٠ هـ. أمّا الأوحدي والمقريزي فمتقاربان في السّن ولد الأوّل سنة ٧٦١ هـ وولد الثاني بعده بخمس سنوات في سنة ٧٦٦ هـ. وتوفي الأوحدي شابّا سنة ٨١١ هـ قبل أن يكمل تأليف كتابه وتركه مسوّدة لم يبيّضها بينما عمّر المقريزي بعده أربعا وثلاثين عاما متنقّلا في بعض المناصب العامّة ومرتحلا إلى الشّام والحجاز حتّى توفي سنة ٨٤٥ هـ.
كان الأوحديّ جارا للمقريزي دائم التّردّد عليه ويتبادلا الأراء في المسائل التي تهمهما، فيقول المقريزي في ترجمته:«حدّثني صاحبنا المقريء المؤرّخ الأديب شهاب الدين أحمد بن عبد اللّه بن الحسن بن طوغان الأوحدي الجندي الشّافعي إملاء بمنزلي من القاهرة في يوم السبت لسبع ليال بقين من شهر رجب سنة عشر وثمان مائة»(١).
ولا ندري سببا واحدا يجعل المقريزي يغفل الإشارة إلى عمل صاحبه الأوحدي في الخطط في مقدّمته لكتاب «المواعظ والاعتبار» رغم هذه العلاقة القائمة بينهما إلاّ أن تكون الغيرة العلمية. فقد كان الأوحديّ - كما وصفه ابن حجر - «لهجا بالتاريخ»(٢)، وبالفعل فقد وقف على كثير من المؤلّفات الخاصّة بتاريخ مصر والقاهرة وسجّل عليها بخطّه ما يفيد إفادته منها أو امتلاكه لها، فمن ذلك ما دوّنه على الورقة ١٣٤ ومن مخطوطة كتاب «الولاة والقضاة» للكندي المحفوظة في المتحف البريطاني برقم Add ٢٣، ٣٢٤ ونصّه:«لأحمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الأوحدي بالقاهرة في شهر رمضان المعظّم من سنة خمس وثمان مائة»، ونسخة «ديوان ابن حمديس» المحفوظة في مكتبة الفاتيكان برقم ٤٤٧ ونصّه:
«لأحمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الأوحدي بالقاهرة في جمادى الأولى سنة إحدى وثمان مائة».
وكثيرا ما نجد اسم الأوحدي جنبا إلى جنب مع اسم المقريزي على بعض مؤلّفات تاريخ مصر الإسلامية مثل ما جاء على الورقة ١٣٢ و، وهي صفحة غلاف «الجزء الأربعين من أخبار مصر للمسبّحي» المحفوظة في الإسكوريال تحت رقم ٥٣٤? ونصّه: «طالعه أحمد بن عبد اللّه بن الحسن الأوحدي بالقاهرة سنة ٨٠٣»، وأثبت المقريزي على الصّفحة نفسها:«استفاد منه داعيا له أحمد ابن علي المقريزي».
وعلى غلاف مخطوطة كتاب «المغرب في حلى المغرب» لابن سعيد المغربي (الورقة ١٣٢ و) المحفوظة في دار الكتب المصرية رقم ١٠٣ تاريخ م - وهي بخط ابن سعيد نفسه كتبها لخزانة مؤرّخ