للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عمر الكنديّ: وحاصر عمرو الإسكندرية ثلاثة أشهر، ثم فتحها عنوة، وهو الفتح الأوّل. ويقال: بل فتحها عمرو لمستهل المحرّم سنة إحدى وعشرين (١).

قال القضاعيّ عن اللّيث: أقام عمرو بالإسكندرية، في حصارها وفتحها، ستة أشهر، ثم قفل (a) إلى الفسطاط فاتّخذها دارا في ذي القعدة.

وقال ابن عبد الحكم: فلمّا هزم اللّه تبارك (b) وتعالى الرّوم وفتح الإسكندرية، هرب الرّوم في البرّ والبحر، فخلّف عمرو بالإسكندرية ألف رجل من أصحابه، ومضى ومن معه في طلب من هرب من الرّوم في البرّ، فرجع من كان هرب من الرّوم في البحر إلى الإسكندرية، فقتلوا من كان فيها من المسلمين إلاّ من هرب منهم. وبلغ ذلك عمرا، فكرّ راجعا ففتحها وأقام بها، وكتب إلى عمر بن الخطّاب : «إنّ اللّه قد فتح علينا الإسكندرية عنوة (c) بغير عقد ولا عهد»؛ فكتب إليه عمر يقبّح رأيه، ويأمره ألاّ يجاوزها.

قال ابن لهيعة: وهو فتح الإسكندرية الثاني، وكان سبب فتحها هذا أنّ رجلا يقال له ابن بسّامة كان بوّابا، فسأل عمرا أن يؤمّنه على نفسه وأرضه وأهل بيته ويفتح له الباب. فأجابه عمرو إلى ذلك، ففتح له ابن بسّامة الباب، فدخل عمرو. وقتل من المسلمين، من حين كان من أمر الإسكندرية ما كان إلى أن فتحت اثنان/ وعشرون رجلا (٢).

وبعث عمرو بن العاص معاوية بن حديج، وافدا إلى عمر بن الخطّاب بشيرا له بالفتح، فقال له معاوية: ألاّ تكتب معي؟ فقال له عمرو: وما أصنع بالكتاب، ألست رجلا عربيّا تبلّغ الرّسالة وما رأيت وحضرت؟ فلمّا قدم على عمر أخبره بفتح الإسكندرية، فخرّ عمر ساجدا، وقال:

الحمد للّه.

وقال معاوية بن حديج: بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطّاب (c) بفتح الإسكندرية، فقدمت المدينة في الظّهيرة، فأنخت راحلتي بباب المسجد، ثم دخلت المسجد، فبينا أنا قاعد فيه، إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطّاب فرأتني شاحبا عليّ ثياب السّفر، فأتتني وقالت: من أنت؟ فقلت: أنا معاوية بن حديج رسول عمرو بن


(a) بولاق: انتقل.
(b) تبارك و: ساقطة من بولاق.
(c) ساقطة من بولاق.
(١) الكندي: ولاة مصر ٣٣.
(٢) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٨٠ - ٨١.