بهم بعد ذلك وقيل إنّ تهوّرهم كان على كرسي لها قدّامها، وفي المنارة مسجد في هذا الوقت يرابط فيه مطّوّعة المصريين وغيرهم (١).
وفي سنة سبع وسبعين وسبع مائة، سقط رأس المنار (a) من زلزلة. ويقال إنّ منار (a) الإسكندرية كانت مبنيّة بحجارة مهندمة مضبّبة برصاص على قناطر من الزّجاج، وتلك القناطر على ظهر سرطان، وكان في المنار (a) ثلاث مائة بيت بعضها فوق بعض، وكانت الدّابّة تصعد بحملها إلى سائر البيوت من داخل المنار (a). ولهذه البيوت طاقات تشرف على البحر. وكان على الجانب الشّرقي من المنار (a) كتابة عرّبت فإذا هي: «بنت هذه المنظرة فريتا (b) بنت مرينوس اليونانية لرصد الكواكب».
وقال ابن وصيف شاه، وقد ذكر أخبار مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح: وبنوا على عبر (c) البحر مدنا منها رقودة مكان الإسكندرية، وجعلوا في وسطها قبّة على أساطين من نحاس مذهّب، والقبّة مذهّبة، ونصبوا فوقها منارة عليها مرآة من أخلاط شتّى، قطرها خمسة أشبار، وكان ارتفاع القبّة مائة ذراع، فكانوا إذا قصدهم قاصد من الأمم التي حولهم، فإن كان ممّا يهمهم أو من البحر، عملوا لتلك المرآة عملا فألقت شعاعها على ذلك الشيء فأحرقته. فلم تزل على حالها إلى أن غلب عليها البحر فنسفها.
ويقال إنّ الإسكندر إنّما عمل المنار الذي كان تشبيها بها، وقد كان أيضا عليه مرآة يرى فيها من يقصدهم من بلاد الرّوم، فاحتال [عليها] (d) بعض ملوك الرّوم فوجه [إليها] (d) من أزالها، وكانت من زجاج مدبّر (٢).
وقال المسعوديّ في كتاب «التّنبيه والإشراف»: وقد كان وزير المتوكّل عبيد اللّه بن/ يحيى بن خاقان، لمّا أمر المستعين بنفيه إلى برقة في سنة ثمان وأربعين ومائتين، صار إلى الإسكندرية من بلاد مصر، فرأى حمرة الشّمس على علوّ المنارة التي بها وقت المغيب، فقدّر أنّه يلزمه ألاّ يفطر إذ كان صائما أو تغرب الشّمس من جميع أقطار الأرض، فأمر إنسانا أن يصعد إلى أعلى منارة
(a) بولاق: منارة. (b) بولاق: قريبا. (c) ساقطة من بولاق. (d) زيادة من النويري. (١) المسعودي: مروج الذهب ١٠٨: ٢. (٢) النص عند المسعودي: أخبار الزمان ١٥٣ - ١٥٤؛ ونسبه النويري: نهاية الأرب ٤٤: ١٥ لابن وصيف شاه.