للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم حشد جميع أهل بلد الرّوم، وعبّأ عسكرا فيه مائتا ألف راجل وخمسون ألف فارس، سوى من كان فيه من أصحابه المجدونيين ومن غيرهم من أجناس اليونانيين، يريد غزو الفرس.

فبينا هو يجمع هذا الجمع نظر في تزويج ابنة له يقال لها قلوبطرة من ختنه، أخي امرأته وخال ولده؛ الإسكندر، وجلس قبل العرس بيومين يحدّث قوّاده إذ سئل عن أي الموتات أحقّ أن يتمنّاها الإنسان! فقال: الواجب على الرّجل القويّ الظّافر المجرّب - يريد نفسه - ألاّ يتمنّى الموت إلاّ بالسّيف فجأة، لئلاّ يعذّبه المرض وتحل قوّته الأوجاع. فعجّل له ما تمنّى في ذلك العرس، وذلك أنّه حضر لعبا كان على الخيل بين ولده الإسكندر وختنه الإسكندر، فبينما هو في ذلك غافله أحد أحداث الرّوم بطعنة فقتله بها ثائرا بأبيه عندما تمكّن منه منفردا (١).

فولي الإسكندر الملك بعد أبيه فليبش، وكان أوّل شيء أظهر فيه قوّته وعزمه في بلد الرّوم، وكانوا قد خرجوا عن طاعة المقدونيين إلى طاعة الفرس، فدرسهم واستأصلهم وخرّب مدنهم وجعلهم سبيا مبيعا، وجعل سائر بلادهم وكورهم تؤدّي إليه الخراج. ثم قتل جميع أختانه وأكثر أقاربه في وقت تعبئته لمحاربة الفرس (٢).

وكان جميع عسكره اثنين وثلاثين (a) ألف فارس وستين ألف راجل، وكانت مراكبه خمس مائة مركب وثمانين مركبا. فحرّك بهذه العدّة كبار ملوك الدّنيا، وسار إلى الإسكندرية،/ ودخل بيت المقدس وقرّب فيه للّه تعالى قربانا (٣).

وخرج يريد محاربة دارا (b)، وكان في عسكر دارا ملك الفرس في أوّل ملاقاته إيّاه ستّ مائة ألف مقاتل، فغلبه الإسكندر، وكانت إذ ذاك على الفرس وقعة شنعاء ونكبة دهياء، قتل فيها منهم عدد لا يحصى، ولم يقتل من عسكر الإسكندر إلاّ مائة وعشرون فارسا وتسعون راجلا.

ومضى الإسكندر ففتح مدائن وانتهب ما فيها، فبلغه أنّ دارا قد عبّأ وأقبل نحوه بجمع عظيم، فخاف أن يلحقه في ضيق الجبال التي كان فيها، فقطع نحوا من مائة ميل في سرعة


(a) بولاق: وعشرين.
(b) في الأصل وعند أوروسيوس في جميع المواضع «داري»، وقد فضلت رسمها بالألف.
(١) أوروسيوس: تاريخ العالم ٢٢٠ - ٢٢٦ ملخصا.
(٢) نفسه ٢٢٩.
(٣) نفسه ٢٢٩ - ٢٣٠.