وملك بعده ابنه دريموس، ويقال له دارم بن الرّيّان، وهو الفرعون الرّابع، فخالف سنّة أبيه، وكان يوسف خليفته فيقبل منه تارة ويخالفه تارة، وظهر في أيّامه معدن فضّة فأثار (a) منه شيئا عظيما (١).
وفي أيّامه مات يوسف ﵇ فاستوزر بعده رجلا حمله على أذى الناس وأخذ أموالهم (٢)، فبلغ ذلك منهم مبلغا عظيما. ثم زاد في التجرّى حتى اقتلع كلّ امرأة جميلة بمدينة منف من أهلها، فكان لا يسمع بامرأة حسناء في موضع إلاّ وجّه إليها فحملت إليه؛ فاضطرب الناس، وشغبوا عليه، وعطّلوا الصّنائع والأعمال والأسواق، فعدا عليهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، وزاد الأمر حتى اجتمعوا على خلعه، فبرز لهم وأسقط عنهم خراج ثلاث سنين وأنفق فيهم مالا، فسكتوا (٣).
وفي أيّامه ثار القبط على بني إسرائيل، وطلبوا/ من الوزير أن يخرجهم من مصر، فما زال بهم حتى أمسكوا.
وبلغ الملك ذلك، وكان قد خرج إلى الصّعيد، فتوعّد أهل مصر، فشغبوا عليه وحشدوا له، فحاربوه فقتل منهم خلقا كثيرا، وظفر بمن بقي فقتلهم وصلّبهم على حافتي النّيل، وعاد إلى أعظم ما كان عليه من أخذ الأموال والنّساء واستخدام أشراف القبط وبني إسرائيل، فأجمع الكلّ على ذمّه، فركب النّيل للنّزهة وثار به ريح عاصف فغرق، فلم يوجد إلاّ ناحية شطنوف، وقيل فيما بين طرا وحلوان (٤).
فقدّم الوزير ابنه معاديوس (b) - وكان صبيّا، ويقال له معدان - فأسقط عن الناس ما أسقطه أبوه من الخراج، ووعد بالإحسان فاستقام له الأمر، وردّ نساء النّاس؛ وهو خامس الفراعنة.
وحدث في زمانه طوفان مصر، وكثر بنو إسرائيل وعابوا الأصنام، فأفردوا ناحية عن البلد بحيث لا يختلط بهم غيرهم، وأقطعوا موضعا في قبلي منف فاجتمعوا فيه وبنوا فيه معبدا.
وغلب بعض الكنعانيين على الشّام، ومنع من الضّريبة التي كانت على أهل الشّام لملك مصر،
(a) النويري: فأبان. (b) بولاق: معاويوس. (١) النويري: نهاية ١٧٢: ١٥ وفيما يلي ٦٦٢. (٢) هو بلاطس بن منسا الكاهن (النويري: نهاية ١٢٨: ١٥). (٣) النويري: نهاية ١٢٨: ١٥ - ١٢٩. (٤) النويري: نهاية الأرب ١٢٩: ١٥ - ١٣٠.