للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فملك بعده أشمون بن قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح، وكان حيّزه من أشمون إلى منف في الغرب، وحيّزه في الشرق إلى حدّ البحر الملح ممّا يحاذي برقة، وهو آخر حدّ مصر، ومن بلاد الصّعيد إلى حدود إخميم، وكانت منزله مدينة الأشمونين، وكان طولها اثني عشر ميلا في مثلها (١).

وبنى في شرقي النّيل مدينة أنصنا، وبنى بها قصرا عظيما، واتّخذ بها أبنية وملاعب وعجائب كثيرة، وبنى مدينة طهواطيس. وهو أوّل من لعب بالكرة والصّولجان.

ويقال إنّه بنى مدنا كثيرة عمل فيها عجائب، منها مدينة في سفح الجبل لها أربعة أبواب من كلّ ناحية باب: فعلى الباب الشّرقي صورة عقاب، وعلى الباب الغربي صورة ثور، وعلى الباب الشّمالي صورة أسد، وعلى الباب الجنوبي صورة كلب؛ وفي هذه الصّورة روحانيات تنطق، فإذا قدم غريب لا يقدر على الدّخول إليها إلاّ بإذن الموكّلين بها، ودفن تحت كلّ شكل من هذه الأشكال الأربعة صنفا من الكنوز.

وغرس في هذه المدينة شجرة مولّدة تثمر كلّ لون من الفاكهة، ونصب منارا طوله ثمانون ذراعا، فوقه قبّة تتلوّن كلّ يوم لونا، حتى تمضي سبعة أيام ثم تعود إلى اللّون الأوّل، فكانت تلك المدينة تكسى من تلك الألوان شعاعا مثل لونها.

وأجرى حول المنار ماء شقّه من النّيل، وجعل فيه سمكا من كلّ لون، وأقام حول المدينة طلّسمات في هيئة أناس رؤوسها كالقردة، وأسكن هذه المدينة السّحرة (a)) فعرفت بمدينة السّحرة (a)، وكانوا يعملون فيها أصناف السّحر.

وبنى بالقرب منها مدينة عرفت ب [قمنطر] (b) ذات العجائب (٢)، وبنى مجالس مصفّحة بزجاج ملوّن في وسط النّيل، وبنى سربا تحت الأرض من الأشمونين إلى أنصنا.

وقيل إنّه هو الذي بنى مدينة عين شمس، وإنّه ملك ثمان مائة سنة، وإنّ قوم عاد انتزعوا منه الملك بعد ستّ مائة سنة، وأقاموا بمصر تسعين سنة، فأصابهم وباء خرجوا منه إلى الدّثينة (c) بطريق الحجاز إلى وادي القرى، فعاد أشمون بعد خروج العادية إلى ملك مصر (٣).


(a-a)) ساقطة من بولاق.
(b) زيادة من النويري.
(c) بولاق: المدينة.
(١) النويري: نهاية الأرب ٦٩: ١٥ - ٧٠.
(٢) نفسه ٧٠: ١٥.
(٣) نفسه ٧١: ١٥ وفيما يلي ٦٤٨.