وذكر عمر بن أبي عمر الكندي في «فضائل مصر» أنّ عمرو بن العاص ﵁ سار في سفح الجبل المقطّم ومعه المقوقس، فقال له: ما لجبلكم هذا أقرع ليس به نبات كجبال الشّام؟ فلو شققنا في أسفله نهرا من النّيل وغرسناه نخلا؟ فقال المقوقس: وجدنا في الكتب أنّه كان أكثر الجبال أشجارا ونباتا وفاكهة، وكان منزل المقطّم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح، ﵇. فلمّا كانت الليلة التي كلّم اللّه فيها موسى ﵇ أوحى اللّه إلى الجبال: إنّي مكلّم نبيّا من أنبيائي على جبل منكم، فسمت الجبال كلّها وتشامخت إلاّ جبل بيت المقدس فإنّه هبط وتصاغر، فأوحى اللّه إليه: لم فعلت ذلك؟ - وهو به أخبر - فقال: إعظاما وإجلالا لك يا ربّ. قال: فأمر اللّه سبحانه الجبال أن يحبوه كلّ جبل بما عليه من النّبت، فجاد له المقطّم بكلّ ما عليه من النّبت حتى بقي كما ترى، فأوحى اللّه إليه: إنّي معوّضك على فعلك بشجر الجنّة، أو غراس الجنّة.
فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطّاب ﵁ فكتب إليه عمر بن الخطّاب: إنّي لا أعلم شجر الجنّة غير المؤمنين (a)، فاجعله لهم مقبرة، ففعل. فغضب المقوقس من ذلك، وقال لعمرو: ما على هذا صالحتني؛ فقطع له عمرو قطيعا نحو بركة (b) الحبش تدفن فيه النّصارى (١).
قال: وروي أنّ موسى ﵇ سجد فسجد معه كلّ شجرة من المقطّم إلى طرا (c).
وروي أنّه مكتوب في التّوراة (d): وإذا فتح مقدسي - يريد وادي مسجد موسى ﵇ بالمقطّم عند مقطع الحجارة. فإنّ موسى ﵇ كان يناجي ربّه بذلك الوادي.
وروى أسد بن موسى قال: شهدت جنازة مع ابن لهيعة: فجلسنا حوله فرفع رأسه فنظر إلى الجبل فقال: إنّ عيسى بن مريم ﵇ مرّ بسفح هذا الجبل وعليه جبّة صوف وقد شدّ
(a) عند البكري: المسلمين. (b) ساقطة من بولاق. (c) عند الكندي: طوى. (d) ساقطة من بولاق. المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٦: ١؛ السيوطي: حسن المحاضرة ١٣٧: ١ وانظر فيما يلي ٤٤٣: ٢. (١) ابن الكندي: فضائل مصر ٤٥ - ٤٦؛ أبو عبيد البكري: جغرافية مصر ٧٨ - ٨٠؛ ابن سعيد: المغرب ١١ - ١٢؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٠٦: ٣؛ السيوطي: حسن المحاضرة ١٣٨: ١.