للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّنعة - يعني الكيمياء - فجعل مصرايم أمرها إلى رجل من أهل بيته يقال له مقيطام الحكيم، كان يعمل فيه الكيمياء، واختصر من اسمه وبقي ما يدلّ عليه فقيل له «جبل المقطّم»، يعني جبل مقيطام الحكيم (١).

وقال البكريّ: المقطّم - بضمّ أوّله وفتح ثانيه وتشديد الطّاء المهملة وفتحها - جبل متّصل بمصر يوارون فيه موتاهم (٢).

وقال القضاعيّ: المقطّم، ذكر أبو عبد اللّه اليمني أنّ هذا الجبل نسب إلى المقطّم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح، وكان عبدا صالحا، فانفرد بعبادة اللّه ﷿ فيه، فسمّي الجبل باسمه (٣).

وليس هذا بصحيح، لأنّه لا يعرف لمصر ولد اسمه المقطّم؛ والذي ذكره العلماء أنّ المقطّم مأخوذ من القطم، وهو القطع، فكأنّه لمّا كان منقطع الشّجر والنّبات سمّي مقطّما، ذكر ذلك عليّ بن الحسن الهنائي الدّوسي، المنبوذ بكراع، وغيره (٤).

وروى عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم، عن اللّيث بن سعد قال:

سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح الجبل المقطّم بسبعين ألف دينار (وفي نسخة بعشرين ألف دينار)، فعجب عمرو من ذلك وقال: أكتب بذلك إلى أمير المؤمنين؛ فكتب بذلك إلى عمر بن الخطّاب فكتب إليه عمر: سله ولم أعطاك به ما أعطاك، وهي لا تزرع ولا يستنبط بها ماء [ولا ينتفع بها] (a)؟

فسأله فقال: إنّا لنجد صفتها في الكتب أنّ فيها غراس الجنّة. فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه:

«إنّا لا نعلم غراس الجنّة إلاّ المؤمنين، فاقبر فيها من مات قبلك من المؤمنين، ولا تبعه بشيء».

فكان أوّل من قبر فيها رجل من المعافر يقال له عامر، فقيل عمرت؛ فقال المقوقس لعمرو: وما ذلك، وما على هذا عاهدتنا. فقطع لهم الحدّ الذي بين المقبرة وبينهم (٥).


(a) زيادة من فتوح مصر.
(١) النويري: نهاية الأرب ٤٤: ١٥؛ المقريزي: المسودة ٣١.
(٢) أبو عبيد البكري: معجم ما استعجم ١٢٥١، ١٣١١.
(٣) القلقشندي: صبح الأعشى ٣٠٦: ٣.
(٤) ياقوت: معجم البلدان ١٧٦: ٥.
(٥) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٥٦، ١٥٧؛ أبو