وقال في كتاب «التّنبيه والإشراف»: والهرمان اللذان في الجانب الغربي من فسطاط مصر هما من عجائب بنيان (a) العالم، كلّ واحد منهما أربع مائة ذراع في سمك مثل ذلك، مبنيان بالحجر العظيم على الرّياح الأربع، كلّ ركن من أركانهما يقابل ريحا منها، فأعظمها فيهما تأثيرا ريح الجنوب، وهي المريسي.
وأحد هذين الهرمين قبر أغاثديمون (b)، والآخر قبر هرمس، وبينهما نحو ألف سنة وأغاثديمون (b) المتقدّم (١).
وكان سكّان مصر - وهم الأقباط - يعتقدون نبوّتهما قبل ظهور النّصرانية فيهم، على ما يوجبه رأي الصّابئين في النّبوّات، لا على طريق الوحي، بل هم عندهم نفوس طاهرة صفت وتهذّبت من أدناس هذا العالم، فاتّحدت بهم مواد علوية، فأخبروا عن الكائنات قبل كونها، وعن سرائر العالم، وغير ذلك.
وفي العرب من اليمانية من يرى أنّهما قبر شدّاد بن عاد وغيره من ملوكهم السّالفة الذين غلبوا على بلاد مصر في قديم الدّهر، وهم العرب العاربة من العماليق وغيرهم. وهي عند من ذكرنا من الصّابئين قبور أجساد طاهرة (٢).
وذكر أبو زيد البلخي (٣) أنّه وجد مكتوبا على الأهرام بكتابتهم خطّ، فعرّب فإذا هو «بني هذان الهرمان والنّسر الواقع في السّرطان». فحسبوا من ذلك الوقت إلى الهجرة النّبوية، فإذا هو ستّ وثلاثون ألف سنة شمسية مرّتين، يكون اثنتين وسبعين ألف سنة شمسية (٤).
وقال الهمداني في كتاب «الإكليل»: لم يوجد ممّا كان تحت الماء وقت الغرق من القرى قرية فيها بقيّة سوى نهاوند ترجمتها (c) وجدت كما هي اليوم لم تتغيّر، وأهرام الصّعيد من أرض مصر (٥).
(a) الأصل: برهان. (b) بولاق: أعاديمون. (c) ساقطة من بولاق. (١) قارن مع المسعودي: التنبيه والإشراف ١٩ - ٢٠؛ عبد اللطيف البغدادي: الإفادة والاعتبار ٤٨، وفيما يلي ٣٢٧. (٢) المسعودي: التنبيه والإشراف ١٩ - ٢٠. (٣) أبو زيد أحمد بن سهل البلخي (انظر فيما تقدم ٢٤) نقل عنه الشريف أبو جعفر الإدريسي صاحب كتاب «أنوار علوي الأجرام» في مواضع كثيرة من كتابه، سواء عن كتاب «صفة الأرض والأقاليم» أو «تاريخه المختص بأخبار مصر وعجائبها ودفائنها وفراعنتها» (أنوار علوي: الأجرام ٦٠، ٨٨). (٤) السيوطي: حسن المحاضرة ٧٣: ١. (٥) لم أقف على هذا النص فيما وصل إلينا من كتاب