وأمّا «مقرّر الجاموس» و «مقرّر بقر الخيس» و «مقرّر الأغنام»، فإنّه كان للسّلطان من هذه الأصناف شيء كثير جدّا، فيؤخذ من الجاموس للدّيوان على كلّ رأس من الرّاتب في نظير ما يتحصّل منه في كلّ سنة من خمسة دنانير إلى ثلاثة دنانير، ومن اللاّحق بحقّ النّصف من الرّاتب، وأقلّ ما تنتج كلّ مائة رأس خمسون رأسا (a) إلى غير ذلك من ضرائب مقرّرة على الجاموس وعلى أبقار الخيس وعلى الغنم البياض والغنم الشّعاري وعلى النّحل (١). وقد بطل ذلك جميعه لقلّة مال السّلطان، وإعراضه عن العمارة وأسبابها، وتعاطي أسباب الخراب.
وأمّا «المواريث»، فإنّها في الدّولة الفاطمية لم تكن كما هي اليوم، من أجل أنّ مذهبهم توريث ذوي الأرحام، وأنّ البنت إذا انفردت استحقّت المال بأجمعه (٢). فلمّا انقضت أيّامهم واستولت الدولة (a) الأيّوبية ثم الدّولة التّركية، صار من جملة أموال السّلطان مال المواريث الحشريّة، وهي التي يستحقّها بيت المال عند عدم الوارث، فتعدل فيها الوزراء مرّة، وتظلم أخرى (٣).
وأمّا «المكوس»، فقد تقدّم حدوثها، وما كان من الملوك فيها، والذي بقي منها إلى الآن بديار مصر يلي أمره الوزير. وفي الحقيقة إنّما هو نفع للأقباط يتخوّلون فيه بغير حقّ. وقد تضاعفت المكوس في زمننا عمّا كنّا نعهده منذ عهد تحدّث الأمير جمال الدين يوسف الأستادّار في الأموال السّلطانية، كما ذكر في أسباب الخراب.
وأمّا «البراطيل»، وهي الأموال التي تؤخذ من ولاة البلاد ومحتسبيها وقضاتها وعمّالها، فأوّل من عمل ذلك بمصر الصّالح بن رزّيك (٤) في ولاة النّواحي فقط، ثم بطل. وعمل في أيّام العزيز بن صلاح الدين أحيانا، وعمله الأمير شيخون في الولاة فقط، ثم أفحش فيه الظّاهر برقوق، كما ذكر (b) في أسباب الخراب.
وأمّا «الحمايات والمستأجرات»، فشيء حدث في أيّام النّاصر فرج، وصار لذلك ديوان ومباشرون، وعمل مثل ذلك الأمراء. وهو من أعظم أسباب الخراب كما يذكر في موضعه.
(a) ساقطة من الأصل. (b) بولاق: يأتي. (١) ابن مماتي: قوانين الدواوين ٣٥٠ - ٣٥٢. (٢) انظر حول هذا الموضوع، أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٥٣٩ - ٥٤٣. (٣) قارن ابن ممّاتي: قوانين الدواوين ٣١٩ - ٣٢٥. (٤) راجع، ابن ظافر: أخبار الدول المنقطعة ١١١؛ ابن خلكان: وفيان ١١١: ٣؛ النويري: نهاية ٣٢٥: ٢٨؛