ولمّا ولي الملك المظفّر سيف الدين قطز مملكة مصر، بعد خلعه الملك المنصور عليّ بن المعّز أيبك، أحدث عند سفره الذي قتل فيه مظالم كثيرة لأجل جمع المال وصرفه في الحركة لقتال جموع التّتر، منها «تصقيع الأملاك وتقويمها وزكاتها، وأحدث على كلّ إنسان دينارا يؤخذ منه، وأخذ ثلث التّركات الأهلية»، فبلغ ذلك ستّ مائة ألف دينار في كلّ سنة (١).
فلمّا قتل قطز، وجلس الملك الظّاهر ركن الدين بيبرس بعده على سرير الملك بقلعة الجبل، أبطل ذلك جميعه وكتب به مساميح قرئت على المنابر، ثم أبطل ضمان المزر وجهاته في سنة اثنتين وستين وستّ مائة، وكتب وهو بالشّام إلى الأمير عزّ الدين الحلّي - نائب السّلطنة بمصر - أن يبطل بيوت المزر، ويعفّي آثاره، ويخرب بيوته، ويكسر مواعينه، ويسقط ارتفاعه من الدّيوان، فإنّ بعض الصّالحين تحدّث معي في ذلك وقال: القمح الذي جعله اللّه تعالى قوتا للعالم يداس بالأرجل، وقد تقرّبت إلى اللّه تعالى بإبطاله، ومن ترك شيئا للّه عوّضه/ خيرا منه، ومن كان له على هذه الجهة شيء يعوّضه اللّه من المال الحلال. فأبطل الحلّي ذلك، وعوّض المقطعين عليه بدله.
وفي سنة ثلاث وستين أبطل حراسة النّهار بالقاهرة ومصر - وكانت جملة مستكثرة - وكتب بذلك توقيعا، وأبطل من أعمال الدّقهليّة والمرتاحيّة عن رسوم الولاية أربعة وعشرين ألف دينار (٢).
وفي خامس عشري شهر رمضان سنة اثنتين وستين وستّ مائة، قرئ بجامع مصر مكتوب بإبطال ما قرّر على رسوم ولاية مصر من الرّسوم، وهي مائة ألف درهم وأربعة آلاف درهم معبرة، فبطل ذلك (٣).
وأبطل ضمان الحشيش من ديار مصر كلّها في سنة خمس وستين وستّ مائة، وأمر بإراقة الخمور، وإبطال المنكرات، وتعفية بيوت المسكرات، ومنع الحانات والخواطئ بجميع أقطار مملكة مصر والشّام، فطهرت من ذلك البقاع.
= في تاريخ الهجرة»، تحقيق دونالد س. ريتشاردز، بيروت - المعهد الألماني للأبحاث الشرقية ١٩٩٨، ٦؛ المقريزي: السلوك ٣٨٤: ١؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٧٢: ٧ - ٧٣؛ وانظر فيما يلي ١٢٣: ٢، ٢٣٧ «الحقوق والمعاملات». (١) المقريزي: السلوك ٤٣٧: ١ - ٤٣٨. والتصقيع هو أخذ أجرة شهرين من الأملاك في كل سنة، والتقويم هو أن تقوّم الدار فيؤخذ عن كل دينار درهم ورقا Rabie، H.،) (The Financial System of Egypt pp. ١٠٧ - ٨ وانظر فيما يلي ٩٠: ٢. (٢) نفسه ٥٣٧: ١ - ٥٣٨. (٣) نفسه ٥١٤: ١.