آلاف دينار للإخشيد، وألف دينار لك. فجاءني وقال: لك قبل ابن الماذرائي مطالبة؟ فقلت: لا، فقال: هذه ألف دينار قد جاءتك على وجه الماء، فأعطاني ألفا وأخذ عشرة آلاف دينار.
وأهدى إليّ محمد بن علي الماذرائي في وقت عشرين ألف دينار على يده، فاستقللتها. فلمّا اجتمعنا عاتبته، فقال لي: أرسلت إليك مائة ألف دينار، ولابن كلا كاتبك عشرين ألف دينار، فأخذ المائة وأعطاني العشرين ألفا. فذكرت قول محمد بن عليّ له، فقال: ما أبرد هذا! حفظت لك المائة ألف لوقت حاجتك، تريدها؟ خذها وأنا أعلم أنّك تتلفها! وبلغت الرّواتب في أيّام كافور الإخشيدي خمس مائة ألف دينار في السنة لأرباب النّعم والمستورين وأجناس الناس، ليس فيهم أحد من الجيش ولا من الحاشية ولا من المتصرّفين في الأعمال، فحسّن له عليّ بن صالح الرّوذباري الكاتب أن يوفّر من مال الرّواتب شيئا ينتقصه من أرزاق الناس. فساعة جلس يعمل ذلك، حكّه جبينه فحكّه بقلمه، والحكاك يزيد به، إلى أن قطع العمل وقام لما به، فعولج حينئذ بالحديد حتى مات في رمضان سنة تسع (a) وأربعين وثلاث مائة.
وهذه موعظة من اللّه لمن توسّط للناس بالسّوء، قال تعالى: ﴿وَلا يَحِيقُ اَلْمَكْرُ اَلسَّيِّئُ إِلّا بِأَهْلِهِ﴾ [الآية ٤٣ سورة فاطر].
ولمّا مات كافور، نزلت محن شديدة كثيرة بمصر من الغلاء والفناء والفتن، فاتّضع خراجها إلى أن قدم جوهر القائد من بلاد المغرب بعساكر مولاه المعزّ لدين اللّه أبي تميم معدّ، فجبى الخراج لسنة ثمان وخمسين وثلاث مائة: ثلاثة آلاف ألف دينار (b)) ومائتي ألف دينار جباها في سنة تسع وخمسين وثلاث مائة ثلاثة آلاف ألف (b) وأربع مائة ألف دينار ونيفا.
وأمر الوزير النّاصر للدين أبو [محمد] (c) الحسن [بن عليّ بن] (c) عبد الرّحمن اليازوريّ، وزير مصر في خلافة المستنصر باللّه بن الظّاهر، أن يعمل قدر ارتفاع الدّولة وما عليها من النّفقات، فعمل أرباب كلّ ديوان ارتفاعه وما عليه، وسلّم الجميع لمتولّي ديوان المجلس وهو زمام الدّواوين، فنظم عليه عملا جامعا وأتاه به، فوجد ارتفاع/ الدّولة ألفي ألف دينار: منها الشّام ألف ألف دينار، ونفقاته بإزاء ارتفاعه والرّيف وباقي الدّولة ألف ألف دينار (١).
(a) بولاق: سبع. (b-b)) ساقطة من بولاق. (c) زيادة اقتضاها السياق. (١) فيما تقدم ٢٢١.