بلائهم، ويرمّ أمور الناس بعد، ويتعاهدهم في الشّدائد والنّوازل حتى تنكشف، ويبدأ بأهل الفيء ثم يجوزهم إلى كلّ مغلوب ما بلغ الفيء (١).
وقال الضّحّاك عن ابن عبّاس ﵄: لمّا افتتحت القادسيّة وصالح من صالح من أهل السّواد، وافتتحت دمشق وصالح أهل الشّام، قال عمر ﵁ للناس: اجتمعوا فأحضروني علمكم فيما أفاء اللّه على أهل القادسيّة وأهل الشّام. فاجتمع رأي عليّ وعمر ﵄ أن يأخذوه من قبل القرآن، فقالوا: ﴿ما أَفاءَ اَللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرى﴾ - يعني من الخمس - ﴿فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾ يعني من اللّه الأمر وعلى الرّسول القسم ﴿وَلِذِي اَلْقُرْبى وَاَلْيَتامى وَاَلْمَساكِينِ﴾؛ ثم فسّروا ذلك بالآية الأخرى التي تليها ﴿لِلْفُقَراءِ اَلْمُهاجِرِينَ … ﴾
الآية، فأخذوا الأربعة أخماس على ما قسم عليه الخمس فيمن بدئ به وثنّي وثلّث، وأربعة أخماس لمن أفاء اللّه عليه المغنم. ثم استشهدوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿وَاِعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ﴾ [الآية ٤١ سورة الأنفال] من تلك الطّبقات الثّلاث، وأربعة أخماس لمن أفاء اللّه عليه، فقسم الأخماس على ذلك. فاجتمع على ذلك عمر وعليّ، وعمل به المسلمون بعد ذلك، فبدأ بالمهاجرين ثم بالأنصار ثم التّابعين الذين شهدوا معهم وأعانوهم، ثم فرض الأعطية من الجزاء على من صالح أو دعا إلى الصّلح من جزائه (a)، فردّه عليهم بالمعروف. وليس في الجزاء أخماس، والجزاء لمن منع الذّمّة. ووفّى لهم ممّن ولي ذلك منهم، ولمن لحق بهم/ فأعانهم بأسوة، إلاّ أن يؤاسوا بفضله عن طيب أنفس منهم من لم ينل مثل الذي نالوا (٢).
وعن أبي سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف، قال عمر ﵁: إنّي مجنّد المسلمين على الأعطية، ومدوّنهم ومتحرّي الحقّ. فقال عبد الرّحمن بن عوف وعثمان وعليّ ﵃: ابدأ بنفسك. قال: لا أبدأ إلاّ بعمّ رسول اللّه ﷺ، ثم الأقرب فالأقرب منهم من رسول اللّه؛ ففرض للعبّاس وبدأ به، ثم فرض لأهل بدر خمسة آلاف خمسة آلاف، ثم فرض لمن بعد بدر إلى الحديبية أربعة آلاف أربعة آلاف، ثم فرض لمن بعد الحديبية إلى أن أقلع أبو بكر - رضي
(a) بولاق: حرابه. (١) الطبري: تاريخ الرسل والملوك ٦١٦: ٣ وإسناده فيه: «كتب إليّ السريّ، عن شعيب، عن سيف عن محمد والمهلب وطلحة وعمرو وسعيد؛ قالوا». (٢) نفسه ٦١٧: ٣ - ٦١٨.