للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بصحّة الملك رأسا، ولا يستند في ذلك إلى حجّة ادّخرها احترازا ممّا هذه (a) سبيله واحتراسا؛ لكن بحكم ما نراه من المصلحة للرّعية والعدل الذي أقمنا مناره، وأحيينا معالمه وآثاره، مع الرّغبة في عمارة البلاد ومصالح أحوالها، واستنباط الأرضين الدّاثرة، وإنشاء الغروس وإقامة السّواقي بها؛ أمرنا بكتب هذا المنشور وتلاوته بأعمال الصّعيد الأعلى، بإقرار جميع الأملاك والأرضين والسّواقي بأيدي أربابها الآن، من غير انتزاع شيء منها ولا ارتجاعه، وأن يقرّر عليها من الخراج ما يجب تقريره، ويشهد الدّيوان على أمثالهم بمثله، إحسانا إليهم لم نزل نتابع مثله ونواليه، وإنعاما ما برحنا نعيده عليهم ونبديه.

وقد أنعمنا وتجاوزنا عمّا سلف، ونهينا عمّن يستأنف، وسامحنا من خرج إلى التّعدّي عن المألوف (b)، وجرينا على سنننا في العفو المعروف، وجعلناها توبة مقبولة من الجماعة الجانين، ومن عاد من الكافّة أجمعين فلينتقم اللّه منه، وطولب بمستأنفه وأمسه، وبرئت الذّمّة من ماله ونفسه، وتضاعفت عليه الغرامة والعقوبة، وسدّت في وجهه أبواب الشّفاعة والسّلامة.

وقد فسحنا - مع ذلك - لكلّ من يرغب في عمارة أرض حلفاء داثرة وإدارة بئر مهجورة معطّلة، في أن يسلّم إليه ذلك ويقاس عليه، ولا يؤخذ منه خراج إلاّ في السّنة الرابعة من تسليمه إيّاه، وأن يكون المقرّر على كلّ فدّان ما توجبه زراعته لمثله خراجا مؤبّدا وأمرا مؤكّدا.

فليعتمد ذلك النّواب وحكّام البلاد، ومن جرت العادة بحضوره عقد مجلس، وإحضار جميع أرباب الأملاك والسّواقي، وإشعارهم ما شملهم من هذا الإحسان الذي تجاوز آمالهم في إجابتهم إلى ما كانوا يسألون فيه، وتقرير ما يجب على الأملاك المذكورة من الخراج على الوضع الذي مثّلناه، ويجيز الدّيوان تقريره ويرضاه، مع تضمين الأراضي الدّاثرة والآبار المعطّلة لمن يرغب في ضمانها، ونظم المشاريح بذلك وإصدارها إلى الدّيون،


(a) بولاق: عن مجاهدة.
(b) بولاق: من التعدي إلى المألوف.