للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ملك توران شاه بن أيّوب عدن من ياسر وأسره وملك بلاد اليمن كلّها، واستقرّت في ملك السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب. وعاد شمس الدّولة توران شاه بن أيّوب إلى مصر في شعبان سنة ستّ وسبعين، واستخلف على عدن عزّ الدّين عثمان بن الزّنجيلي، وعلى زبيد حطّان (١) بن كامل بن منقذ الكناني، فمات شمس الدّولة بالإسكندرية، واختلف نوّابه.

فبعث السّلطان صلاح الدّين يوسف جيشا فاستولى على اليمن، ثم بعث في سنة ثمان وسبعين أخاه سيف الإسلام ظهير الدّين طغتكين بن أيّوب. فقدم إليها وقبض على حطّان ابن كامل بن منقذ، وأخذ أمواله - وفيها سبعون غلاف زرديّة مملوءة ذهبا عينا - وسجنه، فكان آخر العهد به، ونجا عثمان بن الزّنجيلي بأمواله إلى الشّام، فظفر بها سيف الإسلام، وصفت له مملكة اليمن حتى مات بها في شوّال سنة ثلاث وتسعين.

فأقيم بعده ابنه الملك المعزّ إسماعيل بن طغتكين بن أيّوب، فخبط وادّعى أنّه أموي، وخطب لنفسه بالخلافة، وعمل طول كمّه عشرين ذراعا. فثار عليه مماليكه وقتلوه في ستة تسع وتسعين، وأقاموا بعده أخاه النّاصر ومات بعد أربع سنين. فقام من بعده زوج أمّه غازي بن جبريل أحد الأمراء، فقتله جماعة من العرب.

وبقي اليمن بغير سلطان، فتغلّبت أمّ النّاصر على زبيد. فقدم سليمان بن سعد الدّين شاهنشاه ابن أيّوب إلى اليمن، فعبر يحمل ركوة على كتفه، فملّكته أمّ النّاصر البلاد وتزوّجت به، فاشتدّ ظلمه وعتوّه إلى أن قدم الملك المسعود أقسيس بن الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر ابن أيّوب من مصر في سنة اثنتي عشرة وستّ مائة، فقبض عليه وحمله إلى مصر، فأجرى له الكامل ما يقوم به إلى أن استشهد على المنصورة سنة سبع وأربعين وستّ مائة.

وأقام المسعود باليمن، وحجّ وملك مكّة أيضا في شهر ربيع الأوّل سنة عشرين وستّ مائة وعاد إلى اليمن، ثم خرج عنها واستخلف عليها أستادّاره عليّ بن رسول، فمات بمكّة سنة ستّ وعشرين.

فأقام عليّ بن رسول على ملك اليمن حتى مات في سنة تسع وعشرين، واستقرّ عوضه ابن عمر بن علي بن رسول، وتلقّب بالمنصور حتى قتل سنة ثمان وأربعين. واستقرّ بعده ابنه المظفرّ


(١) كذا في النّسخ وفي المصادر: مبارك (أبو الميمون مبارك بن كامل بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني). (بامخرمة: تاريخ ثغر عدن ٣٨: ٢).