بالصّورة التي فيه، يستحسنها ويشرب على النظر إليها. وفي الطريق إلى هذا الدّير من جهة مصر صعوبة، وأمّا من قبليه فسهل الصّعود والنزول، وإلى جانبه صومعه لا تخلو من حبيس يكون فيها. وهو مطلّ على القرية المعروفة بشهران (١)، وعلى الصّحراء والبحر، وهي قرية كبيرة عامرة على شاطئ البحر، ويذكرون أنّ موسى - صلوات اللّه عليه - ولد فيها، ومنها ألقته أمّه إلى البحر في التّابوت (٢). (a) وبه أيضا دير يعرف بدير شهران (a).
ودير القصير هذا أحد الدّيارات المقصودة والمتنزّهات المطروقة، لحسن موضعه وإشرافه على مصر وأعمالها (٣)، وقد قال فيه شعراء مصر ووصفوه، فذكروا طيبه ونزهته، ولأبي هريرة بن أبي العصام فيه من المنسرح:
كم لي بدير القصير من قصف … مع كلّ ذي صبوة وذي ظرف
لهوت فيه بشادن غنج … تقصر عنه بدائع الوصف (٤)
وقال ابن عبد الحكم في كتاب «فتوح مصر»: وقد اختلف في القصير: فعن ابن لهيعة قال:
ليس بقصير موسى النبي ﷺ ولكنّه موسى السّاحر. وعن المفضّل بن فضالة عن أبيه قال: دخلنا على كعب الأحبار، فقال لنا: ممّن أنتم؟ قلنا: فتيان من أهل مصر، فقال: ما تقولون في القصير؟ قلنا: قصير موسى؟ فقال: ليس بقصير موسى، ولكنّه قصير عزيز مصر، كان إذا جرى النيل يترفّع فيه، وعلى ذلك إنّه لمقدّس من الجبل إلى البحر.
(a) (a-a) هذه العبارة مقحمة على نصّ الشّابشتي. (١) شهران. هو الموضع المعروف الآن ب «المعصرة» بين طرا وحلوان جنوب القاهرة. (٢) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٣٦٣: ١ - ٣٦٦. (٣) أقول: ودير القصير أيضا هو الموضع الذي اختفى قربه الخليفة الفاطمي الثالث في مصر الحاكم بأمر اللّه سنة ٤١١ هـ/ ١٠٢٠ م. (يحيى بن سعيد: تاريخ ٣٥٩ - ٣٦٠؛ أبو المكارم: تاريخ ٦٥: ٢ (أبو صالح: تاريخ ٦٦)؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٩١: ٤). (٤) يقع هذا الدّير أعلى جبل طرا غرب محطة كوتسكا (راجع، الشابشتي: الديارات ٢٨٤ - ٢٨٥؛ وراجع كذلك أبا المكارم: تاريخ ٦٠: ٢ - ٦٢؛ ياقوت: معجم البلدان ٥٢٦: ٢ - ٥٢٨؛ Coquin، R. -G. & Grossmann، P.،؛ CE art.Dayr al-Qusayr III، pp. ٨٥٣ - ٥٥ الأنبا صموئيل: دليل الكنائس ١٢٢، وأطلق عليه أيضا اسم «دير الأنبا أرسانيوس»).