للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلاد الرّوم. فاجتمعوا بأسرهم تحت القصر من القاهرة، واستغاثوا ولاذوا بعفو أمير المؤمنين حتى أعفوا من النفي. وفي هذه الحوادث أسلم كثير من النصارى (١).

وفي سنة سبع وأربع مائة، وثب بعض أكابر البلغر على ملكهم قمطورس فقتله، وملك عوضه، وكتب إلى باسيل ملك قسطنطينية بطاعته فأقرّه، ثم قتل بعد سنة. فسار الملك باسيل إليهم، في شوّال سنة ثمان وأربع مائة، واستولى على مملكة البلغر، وأقام في قلاعها عدّة من الرّوم، وعاد إلى قسطنطينية. فاختلط الرّوم بالبلغر، ونكحوا منهم، وصاروا يدا واحدة بعد شدّة العداوة (٢).

وقدّم اليعاقبة عليهم سانونيوس (a) بطركا بالإسكندرية، في سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، في يوم الأحد ثالث عشرين برمهات فأقام خمس عشرة سنة ونصفا، ومات في طوبة، وكان محبّا للمال وأخذ «الشّرطونيّة». فخلا الكرسي بعده سنة وخمسة أشهر (٣).

ثم قدّم اليعاقبة إخرسطودلس بطركا، في سنة تسع وثلاثين وأربع مائة، فأقام ثلاثين سنة، ومات بالمعلّقة من مصر. وهو الذي جعل كنيسة بومرقورة بمصر، وكنيسة السّيّدة بحارة الرّوم من القاهرة في أيّام بطركيّته. فلم يقم بعده بطرك اثنين وسبعين يوما (٤).


(a) بولاق: سابونين.
(١) عن وضع أهل الذّمّة عموما في عهد الحاكم بأمر اللّه، الذي يعدّ استثناء في العصر الفاطمي الذي اتّسم بتسامح الفاطميين مع أهل الذّمّة، راجع، أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ١٦٥ - ١٦٧ وما ذكر من مصادر ومراجع؛ وكذلك سلاّم شافعي محمود: أهل الذّمّة في مصر في العصر الفاطمي الأوّل، القاهرة - تاريخ المصريين ١٩٩٥؛ فاطمة مصطفى عامر: تاريخ أهل الذمة في مصر الإسلامية من الفتح العربي إلى نهاية العصر الفاطمي، ١ - ٢، القاهرة - تاريخ المصريين ٢٠٠٠؛ Ferre، A.، CE art.Hakim bi-Amr- Illah IV، pp. ١٢٠٠ - ٣.
(٢) المكين بن العميد: تاريخ المسلمين ٢٦٤؛ يحيى ابن سعيد: تاريخ ٣٢٧ - ٣٢٨.
(٣) نفسه ٢٦٥؛ ساويرس بن المقفع: تاريخ بطاركة الكنيسة ١٥١: ٢/ ٢ - ١٥٩.
والشّرطونيّة The Laying on of hands: نوع من الضّريبة نقض بها البطاركة قانون الآباء الحواريين ومعلّمي البيعة القدّيسين القائلين أن لا يؤخذ عن موهبة اللّه، وهي الكهنوت، لا ذهب ولا فضّة، وقيمتها قيراط ذهب من كلّ أسقف مقابل ترسيمه. (ساويرس بن المقفع: تاريخ بطاركة الكنيسة ٧٤: ٢/ ٢، ٧٥).
(٤) نفسه ٢٧٩، نفسه ١٦٣: ٣/ ٢ - ٢٠٧.