للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإبل والقسيّ والنشّاب والسّيوف والمواشي، ومنهم السّمرة الذين تفرّقوا في البلاد.

ويقال إنّ سليمان بن داود لمّا مات، افترق ملك بني إسرائيل من بعده، فصار رحبعام (a) ابن سليمان على سبط يهودا بالقدس، وملك يربعام (b) بن نياط على عشرة أسباط من بني إسرائيل، وسكن خارجا عن القدس، واتّخذ عجلين دعا الأسباط العشرة إلي عيادتهما من دون اللّه إلى أن مات. فولي ملك بني إسرائيل من بعده عدّة ملوك، على مثل طريقته في الكفر باللّه وعبادة الأوثان (١). إلى أن ملكهم عمري بن مذاب (c)، من سبط منشّأ بن يوسف، فاشترى مكانا من رجل اسمه شامر بقنطار فضّة، وبنى فيه قصرا، وسمّاه باسم اشتقّه من اسم شامر الذي اشترى منه المكان، وصيّر حول هذا القصر مدينة، وسمّاها مدينة شمرون، وجعلها كرسي ملكه إلى أن مات؛ فاتّخذها ملوك بني إسرائيل من بعده مدينة للملك، وما زالوا فيها إلى أن ولي هوشاع ابن إيلا، وهم على الكفر باللّه، وعبادة وثن بعال (d) وغيره من الأوثان، مع قتل الأنبياء؛ إلى أن سلّط اللّه عليهم سنحاريب ملك الموصل، فحاصرهم بمدينة شمرون ثلاث سنين، وأخذ هو شاع أسيرا، وجلاّه ومعه جميع من في شمرون من بني إسرائيل، وأنزلهم بهراة وبلخ ونهاوند وحلوان. فانقطع من حينئذ ملك بني إسرائيل من مدينة شمرون، بعدما ملكوا من بعد سليمان مدّة مائتي سنة وإحدى وخمسين سنة.

ثم إنّ سنحاريب ملك الموصل نقل إلى شمرون كثيرا من أهل كوشا وبابل وحماه، وأنزلهم فيها ليعمّروها، فبعثوا إليه يشكون من كثرة هجوم الوحش عليهم بشمرون. فسيّر إليهم من علّمهم التّوراة، فتعلّموها على غير ما يجب، وصاروا يقرأونها ناقصة أربعة أحرف: الألف والهاء والخاء والعين، فلا ينطقون بشيء من هذه الأحرف في قراءتهم التّوراة، وعرفوا بين الأمم بالسّامرة لسكناهم بمدينة سمرون.

وشمرون هذه هي مدينة نابلس، وقيل لها سمرون - بسين مهملة - ولسكّانها سامرة، ويقال معنى السّمرة حفظة ونواطير. فلم تزل السّمرة بنابلس إلى أن غزا بخت نصّر القدس، وأجلى اليهود منه إلى بابل، ثم عادوا بعد سبعين سنة، وعمّروا البيت ثانيا؛ إلى أن قام الإسكندر من بلاد


(a) بولاق: رحبعم، المسعودي: أرخبعم.
(b) بولاق: بربعم، والمسعودي: يوربعم.
(c) بولاق: نوذب.
(d) بولاق: بعل.
(١) قارن مع المسعودي: مروج الذهب ٦٥: ١ - ٦٦.