للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطاك، وهي لا تزدرع، ولا يستنبط بها ماء، ولا ينتفع بها؟». فسأله فقال: إنّا لنجد صفتها في الكتب أنّ فيها غراس الجنّة. فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر: «إنّا لا نعلم غراس الجنّة إلاّ المؤمنين، فاقبر فيها من مات قبلك من المسلمين، ولا تبعه بشيء».

فكان أوّل من دفن فيها رجل من المعافر (a)، يقال له عامر، فقيل عمرت. فقال المقوقس لعمرو: ما ذلك، ولا على هذا عاهدتنا. فقطع لهم الحدّ الذي بين المقبرة وبينهم (١).

وعن ابن لهيعة: أنّ المقوقس قال لعمرو: «إنّا لنجد في كتابنا أنّ ما بين هذا الجبل وحيث نزلتم، ينبت فيه شجر الجنّة». فكتب بقوله إلى عمر بن الخطّاب فقال:

«صدق، فاجعلها مقبرة للمسلمين» (٢). فقبر فيها ممّن عرف من أصحاب رسول اللّه خمسة نفر: عمرو بن العاص السّهميّ، وعبد اللّه بن حذافة السّهمي، وعبد اللّه بن جزء الزّبيدي، وأبو بصرة (b) الغفاري، وعقبة بن عامر الجهني، ويقال: ومسلمة بن مخلد الأنصاري (٣). انتهى.

ويقال: إنّ عامرا هو الذي كان أوّل من دفن بالقرافة، قبره الآن تحت حائط مسجد الفتح الشّرقي، وقالت فيه امرأة من العرب:

[السريع]

قامت تبكيه (c) على قبره … من لي من بعدك يا عامر

تركتني في الدّار ذا غربة … قد ذلّ من ليس له ناصر

وروى أبو سعيد عبد الرّحمن بن أحمد بن يونس في «تاريخ مصر»، من حديث حرملة ابن عمران، قال: حدّثني عمير بن أبي مدرك الخولاني، عن سفيان بن وهب الخولاني، قال: بينا نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح هذا الجبل، ومعنا المقوقس، فقال له عمرو: يا مقوقس، ما بال جبلكم هذا أقرع، ليس عليه نبات ولا شجر على نحو بلاد الشّام؟ فقال: لا أدري،


(a) بولاق: المغافر.
(b) بولاق: أبو بصيرة.
(c) بولاق: بواكيه.
(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٥٦، ١٥٧؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٦: ١؛ السيوطي: حسن المحاضرة ١٣٧: ١؛ وانظر فيما تقدم ٣٣٦: ١.
(٢) نفسه ١٥٧؛ السيوطي: حسن المحاضرة ١٣٧: ١.
(٣) نفسه ١٥٧؛ نفسه ١٣٧: ١.