للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به الجمعة، وبنى بها حمّاما ومطبخا. وكان ذلك في ذي الحجّة سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة. (a) وكانت عمارة هذه الخانقاه والقصور والميدان سببا لحفر الخليج الناصري بظاهر القاهرة (a).

فلمّا كانت سنة خمس وعشرين وسبع مائة، كمل ما أراد من بنائها، وخرج إليها بنفسه ومعه الأمراء والقضاة ومشايخ الخوانك، ومدّت هناك أسمطة عظيمة بداخل الخانقاه في يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة. وتصدّر قاضي القضاة بدر الدّين محمد بن جماعة الشّافعي لإسماع الحديث النبويّ، وقرأ عليه ابنه عزّ الدّين عبد العزيز عشرين حديثا تساعيّا، وسمع السّلطان ذلك، وكان جمعا موفورا، وأجاز قاضي القضاة الملك الناصر ومن حضر برواية ذلك وجميع ما يجوز له روايته.

وعندما انقضى مجلس السّماع، قرّر السّلطان في مشيخة هذه الخانكاه الشّيخ مجد الدّين موسى بن أحمد بن محمود الأقصرائي (١)، ولقّبه ب «شيخ الشّيوخ»؛ فصار يقال له ذلك ولكلّ من ولي بعده، وكان قبل ذلك لا ينعت (b) بشيخ الشّيوخ إلاّ شيخ خانقاه سعيد السّعداء (٢).

وأحضرت التّشاريف السّلطانية، فخلع على قاضي القضاة بدر الدّين، وعلى ولده عزّ الدّين وعلى قاضي القضاة المالكية، وعلى الشّيخ مجد الدّين أبي حامد موسى بن أحمد بن محمود الأقصرائي شيخ الشّيوخ، وعلى الشّيخ علاء الدّين القونوي شيخ خانقاه سعيد السّعداء، وعلى الشّيخ قوام الدّين أبي محمد عبد المجيد بن أسعد بن محمد الشّيرازي شيخ الصّوفيّة بالجامع


(a) (a-a) إضافة من المسوّدة.
(b) بولاق: يلقب.
(١) توفى أبو حامد الأقصرائي سنة ٧٤٠ هـ/ ١٣٣٩ م، راجع ابن حبيب: تذكرة النبيه ٣١٨: ٢؛ المقريزي: السلوك ٢٦٢: ٢، ٢٨٧، ٥٠٥؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ١٤٣: ٥؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٢٤: ٩.
(٢) القلقشندي: صبح الأعشى ٣٨: ٤، ٣٧٠: ١١ - ٣٧٦؛ وفيما تقدم ٧٢٨ - ٧٢٩. وذكر كلّ من المقريزي وأبي المحاسن عند حديثهما على «المدرسة الأشرفيّة المستجدّة» - التي أنشأها الأشرف شعبان بالصّوّة مقابل باب القلعة سنة ٧٧٨ هـ/ ١٣٧٦ م - أنّه أخلع وهو نازل بسرياقوس في شوّال سنة ٧٧٨ هـ/ ١٣٧٦ م، على الشّيخ ضياء الدّين القرمي الحنفي باستقراره شيخ شيوخ المدرسة التي أنشأها بالصّوّة وقد أشرفت على الفراغ، وأبطل هذا اللقب من متولّي مشيخة سرياقوس. (السلوك ٢٧٣: ٣ - ٢٧٤؛ النجوم الزاهرة ٧٠: ١١). ويبدو أنّ هذا الوضع لم يستمرّ طويلا، فلم يتم استكمال بناء المدرسة الأشرفيّة وتوقّف العمل فيها فور وفاة الأشرف شعبان، ولم تلبث أن هدمت تماما في العقد الأوّل للقرن التاسع الهجري. (فيما تقدم). وانظر كذلك، عبد الرحمن أبو راس: شيخ الشيوخ بالديار المصرية في الدولتين الأيوبية والمملوكية، القاهرة ١٩٨٧.