للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالأمير إينال باي بن قجماس - وهو يومئذ كبير الأمراء/ الناصريّة - وملأ عينه بالمال. فتوسّط له مع الملك الناصر حتى أمّنه، وأصبح في داره وجميع الناس على بابه.

ثم تقلّد وظيفة نظر الجيوش، واختصّ بالسّلطان، وما زال به حتى استرضاه على الأمير يشبك ومن معه من الأمراء، وظهروا من الاستتار، وصاروا بقلعة الجبل، فخلع عليهم السّلطان وأمّرهم، وصاروا إلى دورهم. فثقل على ابن غراب مكان فتح الدّين فتح اللّه كاتب السّرّ، فسعى به حتى قبض عليه وولي مكانه كتابة السّرّ ليتمكّن من أغراضه.

فلمّا استقرّ في كتابة السّرّ أخذ في نقض دولة الناصر، إلى أن تمّ له مراده فصارت الدّولة كلّها على الناصر، فخلا به، وخيّله وحسّن له الفرار فانقاد له، وترامى عليه، فأعدّ له رجلين أحدهما من مماليكه ومعهما فرسان، ووقفا بهما وراء القلعة. وخرج الناصر وقت القائلة ومعه مملوك من مماليكه يقال له بيغوت وركبا الفرسين، وسارا إلى ناحية طرا، ثم عادا مع قاصدي ابن غراب في مركب من المراكب النيلية ليلا إلى دار ابن غراب، ونزلا عنده، وقد خفي ذلك على جميع أهل الدّولة.


= وصيّة والده الذي أوصى بأن تعمّر له تربة بالصّحراء خارج باب النصر تجاه تربة الأمير يونس الدّودار وأن يدفن في لحد تحت أرجل الفقراء المدفونين بها. (المقريزي: السلوك ٩٣٦: ٣ - ٩٣٧؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٠٣: ١٢ - ١٠٤).
ويتكوّن البناء الذي شيّده الناصر فرج من جامع فسيح، وقبّتان إحداهما للظّاهر برقوق وأولاده ومن دفن من العلماء والصّالحين، والثانية لأفراد أسرته من السّيّدات، وخانقاه للصّوفية. وأقيمت الخانقاه وملحقاتها على أرض تكاد تكون مربعة فأصبحت لها أربع وجهات، الجنوبية منها تسودها البساطة، وأفخمها واجهتها الغربية وهي الواجهة الرئيسة التي يتوسّطها منارتان رشيقتان ويفتح فيها المدخل الرّئيس للخانقاه الذي حلّي بمقرنصات دقيقة وكتب على جانبيه:
«بسم اللّه الرحمن الرحيم. أمر بإنشاء هذه الخانقاه الشّريفة السّلطان الأعظم مالك رقابنا سيّد ملوك العرب والعجم، مولانا السّلطان الملك الناصر ناصر الدّنيا والدّين أبو السّعادات فرج بن برقوق، أدام اللّه أيّامه».
ويجاور الخانقاه سبيل يعلوه كتّاب، وبواجهته القبلية حوض لشرب الدّواب.
راجع، المقريزي: السلوك ٩٣٦: ٣ - ٩٣٧؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١٠٣: ١٢ - ١٠٤؛ حسن عبد الوهاب: «خانقاه فرج بن برقوق وما حولها» في كتاب المؤتمر الثالث للآثار في البلاد العربية، القاهرة ١٩٦١، ٢٨٣ - ٣٠٥؛ Lamei Mostafa، S.، Kloster und Mausoleum des Farag ibn Barquq in Kairo،؛ Gluckstadt ١٩٦٨ سعاد ماهر: مساجد مصر ٥٩: ٤ - ٦٨؛ عاصم محمد رزق: خانقاوات الصوفية في مصر ٥٣٨: ٢ - ٥٧٩، أطلس العمارة الإسلامية ١٣١: ٣ - ١٦٠.
وعن الكتابات التاريخية بالخانقاه انظر van Berchem،