للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمانين وستّ مائة (١). ولمّا قرئ عليه كتاب الوقف، قال للشّجاعي: ما رأيت خطّ الأسعد كاتبي مع خطوط القضاة، أبصر إيش فيه زغل حتى ما كتب عليه. فما زال يقرّب لذهنه أنّ هذا ممّا لا يكتب عليه إلاّ قضاة الإسلام حتى فهم ذلك.

فبلغ مصروف الشّراب منه في كلّ يوم خمس مائة رطل سوى السّكّر. ورتّب فيه عدّة ما بين أمين ومباشر، وجعل مباشرين للإدارة - وهم الذين يضبطون ما يشترى من الأصناف، وما يحضر منها إلى المارستان - ومباشرين لاستخراج مال الوقف، ومباشرين في المطبخ، ومباشرين في عمارة الأوقاف التي تتعلّق به.

وقرّر في القبّة خمسين مقرئا يتناوبون قراءة القرآن ليلا ونهارا، ورتّب بها إماما راتبا، وجعل بها رئيسا للمؤذّنين عندما يؤذّنون فوق منارة ليس في إقليم مصر أجلّ منها. ورتّب بهذه القبّة درسا لتفسير القرآن فيه مدرّس ومعيدان وثلاثون طالبا، ودرس حديث نبويّ، وجعل بها خزانة كتب (١) وستة خدّام طواشيّة لا يزالون بها. ورتّب بالمدرسة إماما راتبا، ومتصدّرا لإقراء القرآن، ودروسا أربعة للفقه على المذاهب الأربعة. ورتّب بمكتب السّبيل معلّمين يقرئان الأيتام، ورتّب للأيتام رطلين من الخبز في كلّ يوم لكلّ يتيم مع كسوة الشّتاء والصّيف.

فلمّا ولي الأمير جمال الدّين آقوش نائب الكرك نظر المارستان (a) في سنة ستّ وعشرين وسبع مائة (a)، أنشأ به قاعة للمرضى، ونحت الحجارة المبني بها الجدر كلّها حتى صارت كأنّها جديدة، وجدّد تذهيب الطراز بظاهر المدرسة والقبّة، وعمل خيمة (b) ذرعها مائة ذراع، نشرها من أوّل جدار القبّة بجوار المدرسة الناصرية إلى آخر حدّ المدرسة المنصورية بحذاء الصّاغة، لأجل مقاعد الأقفاص حتى تظلهم من حرّ الشمس، وصنع لها حبالا تمدّ بها وقت الحرّ وتجمع إذا زالت عنهم الشّمس، وجعلها مرتفعة في الجوّ (b) ونقل أيضا حوض ماء كان برسم شرب البهائم من جانب باب المارستان وأبطله لتأذّي الناس بنتن رائحة ما يجتمع قدّامه من الأوساخ، وأنشأ سبيل ماء (a) بباب المارستان (a) يشرب منه الناس عوض الحوض المذكور (٢). (a) وصرف كلفة ذلك كلّه من ماله، ولم يصرف عليه شيئا من مال الوقف (a).


(a) (a-a) إضافة من المسوّدة.
(b) (b-b) هذه العبارة من المسوّدة عوضا عن ما ورد في النسخ وهو: «تظل الأقفاص طولها مائة ذراع، قام بذلك من ماله دون مال الوقف».
(١) انظر فيما تقدم ٥١٣.
(٢) هو السّبيل المعروف ب «سبيل الناصر محمد ابن قلاوون» أقدم أسبلة القاهرة، وهو مسجّل بالآثار برقم ٥٦١ (انظر الصورة).