للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا نجزت العمارة، وقف عليها الملك المنصور من الأملاك - بديار مصر وغيرها - ما يقارب ألف ألف درهم في كلّ سنة؛ ورتّب مصارف المارستان والقبّة والمدرسة ومكتب الأيتام. ثم استدعى قدحا من شراب المارستان وشربه وقال: (a) اشهدوا عليّ أنّي (a) قد وقفت هذا المارستان (b) على من هو مثلي إلى من هو دوني (c)، وجعلته وقفا على الملك والمملوك والجندي والأمير والكبير والصّغير والحرّ والعبد، الذّكور والإناث. ورتّب فيه العقاقير والأطبّاء وسائر ما يحتاج إليه من به مرض من الأمراض.

وجعل السّلطان فيه فرّاشين من الرّجال والنساء لخدمة المرضى، وقرّر لهم المعاليم، ونصب الأسرّة للمرضى، وفرشها بجميع الفرش المحتاج إليها في المرض، وأفرد لكلّ طائفة من المرضى موضعا: فجعل أواوين المارستان الأربعة للمرضى بالحمّيّات ونحوها، وأفرد قاعة للرّمدى، وقاعة للجرحى، وقاعة لمن به إسهال، وقاعة للنساء، ومكانا للمبرورين ينقسم قسمين: قسم للرّجال، وقسم للنساء.

وجعل الماء يجري في جميع هذه الأماكن، وأفرد مكانا لطبخ الطعام والأدوية والأشربة ومكانا لتركيب المعاجين والأكحال والشّيافات (١) ونحوها، ومواضع تخزّن فيها الحواصل، وجعل مكانا تفرّق فيه الأشربة والأدوية، ومكانا يجلس فيه رئيس الأطبّاء لإلقاء درس طبّ، ولم يحصر/ عدّة المرضى، بل جعله سبيلا لكلّ من يرد عليه من غني وفقير، ولا حدّد مدّة إقامة المريض به، بل يرتّب منه لمن هو مريض بداره سائر ما يحتاج إليه.

ووكّل الأمير عزّ الدّين أبيك الأفرم الصّالحي أمير جندار (٢)، في وقف ما عيّنه من المواضع وترتيب أرباب الوظائف وغيرهم. وجعل النظر لنفسه أيّام حياته، ثم من بعده لأولاده، ثم من بعدهم لحاكم المسلمين الشّافعيّ. فضمّن وقفه كتابا تأريخه (٣) يوم الثلاثاء ثالث عشرين صفر سنة


(a) (a-a) إضافة من المسوّدة.
(b) إضافة من المسوّدة.
(c) بولاق: على مثلي ومن دوني.
(١) الشّيافات: أدوية للعين ونحوها.
(٢) انظر مراجع ترجمة الأمير عزّ الدين أيبك الأفرم الصّالحي النجمي، المتوفى سنة ٦٩٥ هـ/ ١٢٩٦ م، فيما يلي ٨٠٤.
(٣) وصل إلينا كتاب وقف السّلطان المنصور قلاوون على مصالح البيمارستان المنصوري وهو محفوظ بمجموعة محكمة الأحوال الشخصية بدار الوثائق القومية بالقاهرة، ونشره محمد محمد أمين بعنوان: «وثائق وقف السّلطان قلاوون على البيمارستان المنصوري» في نهاية الجزء الأوّل من كتاب «تذكرة النبيه» لابن حبيب، القاهرة - دار الكتب المصرية ١٩٧٦، ٢٩٥ - ٣٩٦.