للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى بكرة يوم عيد ميكائيل، وتوزن، فما زاد على وزنها من الخراريب كان مبلغ النّيل في تلك السنة بقدر عدد تلك الخراريب، لكلّ خرّوبة ذراع؛ ومع ذلك فلابد من (a) أخذ شيء من دقيق القمح وعجنه بماء النّيل في إناء فخّار، وقد عمل من طين مرّ عليه النّيل، وتركه مغطّى طول ليلة عيد ميكائيل، فإذا وجد بكرة يوم العيد قد اختمر بنفسه كان النّيل تامّا وافيا، وإن وجد لم يختمر دلّ على قصور هذا النّيل.

ثم ينظرون مع ذلك بكرة يوم عيد ميكائيل إلى الهواء، فإن هبّت طيابا فهو نيل كبير، وإن هبّت غير طياب فهو نيل مقصّر، لا سيّما إن هبّت مريسيّا فإنّه يكون نيلا غير كاف. والشأن عندهم إنّما هو في دلالة العلامات الثّلاث على شيء واحد، فأمّا إذا اختلف فالحكم لا يكاد يصح.

وقال أبو الرّيحان محمد بن أحمد البيروني في كتاب «الآثار الباقية عن القرون الخالية»: وذكر أصحاب التّجارب أنّه إذا تقدّم فعمد إلى لوح، وزرع عليه من كلّ زرع ونبات، حتى إذا كانت الليلة الخامسة والعشرون من شهر تموز - أحد شهور الرّوم وهي آخر أيام الباحور - ثم وضع اللّوح بارزا لطلوع الكواكب وغروبها، [بحيث] (b) لا يحول بينه وبين السّماء شيء، فإنّ كلّ ما يزكو (c) في تلك السّنة من الزّروع يصبح أصفر، وما لا يصلح (d) ريعه منها يبقى أخضر، وكذلك كانت القبط تفعل ذلك (١).

وقد جرّبت أنا - على ما أفادنيه بعض الكتّاب - أنّه إذا حصل مطر، ولو قلّ، في شهر بابة، ينظر ما ذلك اليوم من الشهر القبطي، فإنّه يبلغ سعر الويبة القمح تلك السّنة من الدّراهم بعدد ما مضى من أيام شهر بابة. وأوّل ما جرّبت هذا أنّه وقع مطر في بابة يوم الخميس الخامس عشر منها، فبيعت الويبة تلك السنة بخمسة عشر درهما.


(a) بولاق: ومن ذلك.
(b) زيادة من البيروني.
(c) الأصل وبولاق: ما لا يزكو.
(d) الأصل وبولاق: وما يصلح والتصويب من البيروني.
(١) البيروني: الآثار الباقية ٢٦٨ - ٢٦٩.