وكان (a) قد سمع الحديث وروى، وصنّف شرحا كبيرا على «مسند» الشّافعيّ ﵁ (b) -، وأفتى في آخر عمره على مذهب الشّافعيّ، وكتب خطّه على فتاوى عديدة. وكان خبيرا بالأمور، عارفا بسياسة الملك، كفوا لما وليه من النيابات وغيرها، لا يزال يذكر أصحابه في غيبتهم عنه، ويكرمهم إذا حضروا عنده، وانتفع به جماعة من الكتّاب والعلماء والأمراء (a) والأكابر.
وله من الآثار الفاضلة (c) جامع بمدينة غزّة في غاية الحسن (١)، وله بها أيضا حمّام مليح، ومدرسة للفقهاء الشّافعية، وخان للسّبيل.
وهو الذي مدّن غزّة، وبنى بها أيضا مارستانا، ووقف عليه عن الملك الناصر أوقافا جليلة، وجعل نظره لنوّاب غزّة، وعمّر بها أيضا الميدان والقصر، وبنى ببلد الخليل ﵇ جامعا سقفه منه حجر نقر، وعمّر (d) الخان العظيم بقاقون، والخان بقرية الكتيبة، والقناطر بغابة أرسوف، وخان سلار (e) في حمراء بيسان، ودارا بالقرب من باب النصر داخل القاهرة (٢)، ودارا بجوار مدرسته على الكبش. وسائر عمائره ظريفة أنيقة محكمة متقنة مليحة. وكان ينتمي إلى الأمير سلار ويحمل رنكه (f).
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: ﵀. (c) بولاق: الجميلة الفاضلة. (d) بولاق: عمل. (e) بولاق: أرسلان. (f) بولاق: يجل ذكره. (١) يعرف جامع سنجر الجاولي الموجود بمدينة غزّة ب «جامع الشّمعة»، وهي تسمية لا يعرف مصدرها. ويقع الجامع في حيّ النجّارين (حارة الزّيتون)، وعليه كتابة تاريخية من سطرين بالخطّ النسخ المملوكي، نصّها: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم - الآية ١٨ سورة التوبة - أمر بإنشاء هذا الجامع المبارك ابتغاء مرضات اللّه واتّباع سنّة رسول اللّه، العبد الفقير إلى اللّه تعالى سنجر بن عبد اللّه الجاولي الملكي الناصري نائب السّلطنة الشّريفة بالأعمال السّاحليّة والجبليّة بغزّة المحروسة، أعزّ اللّه أنصاره بتأريخ ذي الحجّة سنة أربع … ». Mayer، L.A.، «Arabic). (Inscriptions of Gaza»، JPOSXI (١٩٣١)، p. ١٤٧ وراجع كذلك، محمود علي خليل عطا اللّه: نيابة غزّة في العهد المملوكي، بيروت - دار الآفاق الجديدة ١٩٨٦، ٢٢٨ - ٢٢٩. (٢) تعرف بدار الجاولي، فيما تقدم ٢١٠: ٣.