كتبغا، فحضر من عند نائب الكرك ومعه حوائج خاناه فرفعه كتبغا وأقامه على الحوشخاناه السّلطانية. وصحب الأمير سلار وواخاه، فتقدّم في الخدمة، وبقي أستادّارا صغيرا في أيّام بيبرس وسلار، فصار يدخل على السّلطان الملك الناصر ويخرج، ويراعى مصالحه في أمر الطعام ويتقرّب إليه.
فلمّا حضر من الكرك، جهّزه إلى غزّة نائبا في جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وسبع مائة، عوضا عن الأمير سيف الدّين قطلو أقتمر صهر الجالق (a) بعد إمساكه، وأضاف إليه مع غزّة السّاحل والقدس وبلد الخليل وجبل نابلس، وأعطاه إقطاعا كبيرا، بحيث كان للواحد من مماليكه إقطاع يعمل عشرين ألفا وخمسة وعشرين ألفا.
وعمل نيابة غزّة على القالب الجائر إلى أن وقعت بينه وبين الأمير تنكز، نائب الشّام، بسبب دار كانت له تجاه جامع تنكز خارج دمشق من شمالها، أراد تنكز أن يبتاعها منه فأبى عليه.
فكتب فيه إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون، فأمسكه في ثامن عشرين شعبان سنة عشرين وسبع مائة، واعتقله نحوا من ثمان سنين، ثم أفرج عنه في سنة تسع وعشرين، وأعطاه إمرة أربعين. ثم بعد مدّة أعطاه إمرة مائة، وقدّمه على ألف، وجعله من أمراء المشورة.
فلم يزل على هذا إلى أن مات الملك الناصر، فتولّى غسله ودفنه. فلمّا ولي الملك الصّالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون سلطنة مصر، أخرجه إلى نيابة حماه، فأقام بها مدّة ثلاثة أشهر.
ثم نقله إلى نيابة غزّة، فحضر إليها وأقام بها نحو ثلاثة أشهر أيضا. ثم أحضره إلى القاهرة وقرّره على ما كان عليه، وولي نظر المارستان بعد نائب الكرك عندما أخرج إلى نيابة طرابلس.
ثم توجّه لحصار الناصر أحمد بن الناصر (b) محمد بن قلاوون، وهو ممتنع في الكرك، فأشرف عليه في بعض الأيّام الناصر أحمد من قلعة الكرك، وسبّه وشيّخه. فقال له الجاولي: نعم أنا شيخ نحس، ولكن السّاعة ترى حالك مع الشّيخ النحس. ونقل المنجنيق إلى مكان يعرفه ورمى به، فلم يخطئ القلعة وهدم منها جانبا، وطلع بالعسكر وأمسك أحمد وذبح صبرا، وبعث برأسه إلى الصّالح إسماعيل. وعاد إلى مصر فلم يزل على حاله إلى أن مات في منزله بالكبش، يوم الخميس تاسع رمضان سنة خمس وأربعين وسبع مائة، ودفن بمدرسته. وكانت جنازته حافلة إلى الغاية.