للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتسلّم الكامل دمشق في أوّل شعبان وأعطاها للأشرف، وأخذ منه ما معه من بلاد الشّرق وهي: حرّان والرّها وسرّوج وغير ذلك. ثم سار الكامل فأخذ حماه، وتوجّه منها فقطع الفرات، ومضى (a) إلى جعبر والرّقّة، ودخل حرّان والرّها ورتّب أمورها، وأتته الرّسل من ماردين وآمد والموصل وأربل وغير ذلك، وأقيمت له الخطبة بماردين، وبعث يستدعي عساكر الشّام لقتال الخوارزمي وهو بخلاط.

ثم رحل الكامل من حرّان لأمور حدثت وسار إلى مصر، فدخلها في شهر رجب سنة سبع وعشرين وقد تغيّر على ولده الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب، وخلعه من ولاية العهد وعهد إلى ابنه الملك العادل أبي بكر، ثم سار إلى الإسكندرية في سنة ثمان وعشرين، ثم عاد إلى مصر وحفر بحر النيل فيما بين المقياس وبرّ مصر، وعمل فيه بنفسه واستعمل فيه الملوك من أهله والأمراء والجند. فصار الماء دائما فيما بين مصر والمقياس، وانكشف البرّ فيما بين المقياس والجيزة في أيّام احتراق النيل.

وخرج من القاهرة إلى بلاد الشّام، في جمادى الآخرة (b) سنة تسع وعشرين، واستخلف على ديار مصر ابنه العادل وأسكنه قلعة الجبل، وأخذ الصّالح معه. فدخل دمشق من طريق الكرك، وخرج منها لقتال التّتر، وجعل ابنه الصّالح على مقدّمته، فسار إلى حرّان، فرحل التّتر عن خلاط. ثم خرج (c) إلى الرّها، وسار إلى آمد ونازلها حتى أخذها، وأنعم على ابنه الصّالح بحصن كيفا وبعثه إليه، وعاد إلى مصر في سنة ثلاثين فقبض على عدّة من الأمراء.

ثم خرج في سنة إحدى وثلاثين إلى دمشق، وسار منها ودخل الدّربند، وقد أعجبته كثرة عساكره فإنّه اجتمع معه ثمانية عشر طلبا لثمانية عشر ملكا، وقال: هذه العساكر لم تجتمع لأحد من ملوك الإسلام، ونزل على النهر الأزرق بأوّل بلد الرّوم، وقد نزلت عساكر الرّوم، وأخذت عليه رأس الدّربند ومنعوه، فتحيّر لقلّة الأقوات عنده، ولاختلاف ملوك بني أيّوب عليه، ورحل إلى مصر وقد فسد ما بينه وبين الأشرف وغيره.

وأخذ ملك الرّوم الرّها وحرّان بالسّيف. فتجهّز الملك (d) الكامل وخرج من القاهرة بعساكره في سنة ثلاث وثلاثين، وسار إلى الرّها ونازلها حتى أخذها وهدم قلعتها، وأخذ حرّان بعد قتال شديد، وبعث بمن كان فيها من الرّوم إلى القاهرة في القيود - وكانوا زيادة على ثلاثة آلاف نفس


(a) بولاق: ثم سار.
(b) بولاق: آخر جمادى الآخرة.
(c) بولاق: رحل.
(d) ساقطة من بولاق.