وهاتان البحيرتان متساويتان، وقطر كلّ واحدة منهما مقدار خمس درج، ويخرج من كلّ واحدة من البحيرتين أربعة أنهار، ترمي إلى بحيرة صغيرة مدوّرة في الإقليم الأوّل، بعد مركزها عن أوّل العمارة بالمغرب ثلاث وخمسون درجة وثلاثون دقيقة، وعن خطّ الاستواء من الشّمال درجتان من الإقليم الأوّل، ومقدار قطرها درجتان.
ويصبّ كلّ واحد من الأنهار الثمانية في هذه البحيرة نهرا واحدا منها (a) وهو نيل مصر، ويمرّ ببلاد النّوبة (b) ويصب إليه (b) نهر آخر، ابتداؤه من غير مركزها على خطّ الاستواء كبيرة مستديرة، مقدار قطرها ثلاث درج، وبعد مركزها من أوّل العمارة بالمغرب إحدى وسبعون درجة. ويلقي نهر هذه العين لنهر النّيل حيث البعد من أوّل العمارة بالمغرب ثلاث وأربعون (b)) درجة وأربعون (b) دقيقة.
وإذا تعدّى النّيل مدينة مصر إلى بلد يقال له شطنوف (١)، يفرّق هناك إلى نهرين يرميان إلى البحر المالح: أحدهما يعرف ببحر رشيد، ومنه يكون خليج الإسكندرية. وثانيهما يعرف ببحر دمياط، وهذا البحر إذا وصل إلى المنصورة تفرّع منه نهر يعرف ببحر أشمون يرمي إلى بحيرة هناك، وباقيه يرمي إلى البحر المالح عند دمياط (٢).
وزيادة ماء (a) النّيل هي من أمطار كثيرة ببلاد الحبشة، واللّه أعلم.
واعلم أنّ الوزن من الدّستورات المنجّحه (c) من حال الماء، فإنّ الأخفّ في أكثر الأحوال أفضل. فهذا ما ذكره الرّئيس ابن سينا من صفات المياه الفاضلة، واعتبر ما قاله تجد ذلك قد اجتمع في ماء النّيل.
(a) ساقطة من بولاق. (b-b)) ساقطة من بولاق. (c) بولاق: المنتخبه. (١) شطنوف (أو شطانوف). من القرى القديمة كانت تقع في العصر الإسلامي المبكر على رأس الدلتا، يقول الإدريسي في حديثه عن قرية زفيتة: «وهذه القرية تعاقب مدينة شطنوف التي على رأس الخليج الذي ينزل إلى تنيس ودمياط. وفي أعلى شطنوف ينقسم النيل على قسمين ينزلان إلى أسفل ويتصلان بالبحر (نزهة المشتاق ٣٣٠ - ٣٣١ وانظر كذلك ياقوت: معجم البلدان ٣٤٤: ٣ - ٣٤٥ وفيما يلي ٢١٥: ١). وهي الآن إحدى قرى مركز أشمون بمحافظة المنوفية، كانت رأس الدلتا تنتهي عندها إلى منتصف القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي وبعد ذلك اتصلت جزيرة دروة بأرض شطنوف فأصبح رأس الدلتا عند القناطر الخيرية الواقعة في الجهة الجنوبية من أراضي ناحية دروة، وفي سنة ١٩١٠ اتصلت جزيرة الشعير - الواقعة وسط النيل - من جهتها البحرية بأراضي دروة فأصبح رأس الدلتا واقعا جنوبي القناطر الخيرية وعلى بعد كيلومترين منها (محمد رمزي: القاموس الجغرافي للبلاد المصرية ١٦٢: ٢/ ٢ - ١٦٣). (٢) السيوطي: حسن المحاضرة ٣٥٢: ٢.