للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلع عليه واستقرّ خطيبا وخازن الكتب، وخلع على شهاب الدّين أحمد الأذرعي الإمام، واستقرّ في إمامة الخمس. وركب السّلطان، وكان يوما مشهودا.

ولمّا مات المقام الصّارمي إبراهيم ابن السّلطان دفن بالقبّة الشّرقيّة، ونزل السّلطان حتى شهد دفنه في يوم الجمعة ثاني عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين، وأقام حتى صلّى به الخطيب محمد البارزي كاتب السّر صلاة الجمعة، بعد ما خطب خطبة بليغة، ثم عاد إلى القلعة. وأقام القرّاء على قبره يقرأون القرآن أسبوعا، والأمراء وسائر أهل الدّولة يتردّدون إليه، وكانت ليالي مشهودة.

وفي يوم السبت آخره، استقرّ في نظر الجامع المذكور الأمير مقبل الدّوادار، وكاتب السّرّ ابن البارزي. فنزلا إليه جميعا، وتفقّدا أحواله، ونظرا في أموره. فلمّا مات ابن البارزي في ثامن شوّال منها، انفرد الأمير مقبل بالتحدّث، إلى أن مات السّلطان في يوم الاثنين ثامن المحرّم سنة أربع وعشرين وثمان مائة، فدفن بالقبّة الشّرقيّة، ولم تكن عمّرت، فشرع في عمارتها حتى كملت في شهر ذي القعدة منها. وكذلك الدّرج التي يصعد منها إلى باب هذا الجامع من داخل باب زويلة لم تعمل إلاّ في شهر رمضان منها، وبقيت بقايا كثيرة من حقوق هذا الجامع لم تعمل: منها القبّة التي تقابل القبّة المدفون تحتها السّلطان، والبيوت المعدّة لسكن الصّوفيّة وغير ذلك، فأفرد لعمارتها نحو من عشرين ألف دينار. واستقرّ نظر هذا الجامع بعد موت السّلطان بيد كاتب السّرّ (١).


= وعشرين وثمان مائة».
وعلى المئذنة الغربية: «أمر بإنشاء هذين المنارتين المباركتين سيّدنا ومولانا السّلطان المالك الملك المؤيّد أبو النّصر شيخ عزّ نصره، وذلك في نظر العبد الفقير إلى اللّه تعالى محمد بن القزّار، والفراغ في شهر شعبان المعظّم قدره سنة ثلاث وعشرين وثمان مائة». van Berchem،) M.، CIA Egypte I، n ٠ ٢٣٦، ٢٣٧؛ حسن عبد الوهاب: تاريخ المساجد الأثرية ٢١٣).
(١) لم يذكر المقريزي هنا، أو في الفصل الذي عقده لذكر الحمّامات، «حمّام المؤيّد» التي أنشأها السّلطان المؤيّد شيخ وقت إنشاء الجامع. وما تزال هذه الحمّام موجودة خلف الجامع بحارة الإشراقية، ومسجلة بالآثار برقم ٤١٠، ولها بابان أحدهما بشارع تحت الرّبع والثّاني من حارة الإشراقية. (علي مبارك: الخطط التوفيقية ٢٠٦: ٦ (٧١)؛ Pauty، E.، Les hammams du Caire، p. ٥٦؛ عاصم محمد رزق: أطلس العمارة الإسلامية ٤٣٩: ٣ - ٤٥٠).