﵁ يومئذ السّيّد ابن معصوم (١). فزار طلائع وأصحابه، وباتوا هنالك. فرأى ابن معصوم في منامه عليّ بن أبي طالب ﵁ وهو يقول له: قد ورد عليك الليلة أربعون فقيرا من جملتهم رجل يقال له طلائع بن رزّيك من أكبر محبّينا، قل له اذهب فقد ولّيناك مصر.
فلمّا أصبح أمر أن ينادى: من فيكم طلائع بن رزّيك فليقم إلى السّيّد ابن معصوم. فجاء طلائع وسلّم عليه، فقصّ عليه ما رأى.
فسار حينئذ إلى مصر، وترقّى في الخدم حتى ولي منية بني خصيب. فلمّا قتل نصر بن عبّاس الخليفة الظّافر، بعث نساء القصر إلى طلائع يستغثن به في الأخذ بثأر الظّافر، وجعلن في طيّ الكتب شعور النّساء. فجمع طلائع عند ما وردت عليه الكتب النّاس، وسار يريد القاهرة لمحاربة الوزير عبّاس. فعندما قرب من البلد فرّ عبّاس، ودخل طلائع إلى القاهرة، فخلع عليه خلع الوزارة، ونعت ب «الملك الصّالح فارس المسلمين نصير/ الدّين» فباشر البلاد أحسن مباشرة، واستبدّ بالأمر لصغر سنّ الخليفة الفائز بنصر اللّه إلى أن مات. فأقام من بعده عبد اللّه ابن محمد، ولقّبه بالعاضد لدين اللّه، وبايع له، وكان صغيرا لم يبلغ الحلم، فقويت حرمة طلائع، وازداد تمكّنه من الدّولة. فثقل على أهل القصر لكثرة تضييقه عليهم، واستبداده بالأمر دونهم، فوقف له رجال بدهاليز القصر، وضربوه حتى سقط على الأرض على وجهه، وحمل جريحا لا يعي إلى داره، فمات يوم الاثنين تاسع عشر شهر رمضان سنة ستّ وخمسين وخمس مائة.
وكان شجاعا كريما، جوادا فاضلا، محبّا لأهل الأدب جيّد الشّعر، رجل وقته فضلا وعقلا وسياسة وتدبيرا. وكان مهابا في شكله عظيما في سطوته، وجمع أموالا عظيمة، وكان محافظا على الصّلوات فرائضها ونوافلها، شديد المغالاة في التّشيّع.
صنّف كتابا سمّاه «الاعتماد في الرّدّ على أهل العناد»، جمع له الفقهاء وناظرهم عليه، وهو يتضمّن إمامة عليّ بن أبي طالب ﵁ والكلام على الأحاديث الواردة في ذلك. وله شعر كثير يشتمل على مجلّدين في كلّ فنّ، فمنه في اعتقاده:
(١) حاشية بخطّ المؤلّف: «قال الشّريف محمد بن أسعد الجوّاني: وفي بني الحسين ﵇ بنو جعفر ابن محمد بن إبراهيم المجاب بن علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بني قريرة وبني معصوم وهم بالحاير على ساكنه السّلام، وبمصر طفلان أيتام منهم، والحاير الموضع الذي قتل فيه الإمام الحسين ﵇». (٢) أحمد أحمد بدوي: ديوان الوزير المصري طلائع بن رزّيك، القاهرة ١٩٥٨، ٤٦.