للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثّياب، ثم بعد ذلك أمر بقطع لسانه فقطع، وأبطل عدّة مكوس، وقتل الكلاب كلّها، وأكثر من الرّكوب في اللّيل (١).

ومنع النّساء من المشي في الطّرقات، فلم تر امرأة في طريق ألبتّة، وأغلقت حمّاماتهن، ومنع الأساكفة من عمل خفافهن، وتعطّلت حوانيتهم. واشتدّت الإشاعة بوقوع السّيف في النّاس فتهاربوا، وغلّقت الأسواق فلم يبع شيء. ودعي لعبد الرّحيم بن إلياس على المنابر، وضربت السّكّة باسمه بولاية العهد (٢).

وفي سنة خمس وأربع مائة قتل مالك بن سعيد الفارقي في ربيع الآخر، وكانت مدّة نظره في قضاء القضاة ستّ سنين وتسعة أشهر وعشرة أيّام، وبلغ إقطاعه في السنة خمسة عشر ألف دينار. وتزايد ركوب الحاكم حتى كان يركب في كلّ يوم عدّة مرّات، واشترى الحمير وركبها بدل الخيل (٣).

وفي جمادى الآخرة منها قتل الحسين بن طاهر الوزّان، فكانت مدّة نظره في الوساطة سنتين وشهرين وعشرين يوما، فأمر أصحاب الدّواوين بلزوم دواوينهم. وصار الحاكم يركب حمارا بشاشيّة مكشوفة بغير عمامة، ثم أقام عبد الرّحيم بن أبي السّيّد الكاتب وأخاه أبا عبد اللّه الحسين في الوساطة والسّفارة، وأقرّ في وظيفة قضاء القضاة أحمد بن محمد بن أبي العوّام (٤).

وخرج الحاكم عن الحدّ في العطاء حتى أقطع نواتية المراكب والمشاعليّة وبني قرّة، فممّا أقطع الإسكندرية والبحيرة ونواحيهما. وقتل ابني أبي السّيّد، فكانت مدّة نظرهما اثنتين وستين يوما.

وقلّد الوساطة فضل بن جعفر بن الفرات، ثم قتله في اليوم الخامس من ولايته. وغلب بنو قرّة على الإسكندرية وأعمالها (٥).

وأكثر الحاكم من الرّكوب، فركب في يوم ستّ مرات: مرّة على فرس، ومرّة على حمار، ومرّة في محفّة تحمل على الأعناق، ومرّة في عشاري في النّيل بغير عمامة. وأكثر من إقطاع الجند والعبيد الإقطاعات، وأقام ذا الرّياستين قطب الدّولة أبا الحسن عليّ بن جعفر بن فلاح في الوساطة والسّفارة (٦).


(١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ١٠١: ٢ - ١٠٢ وفيما يلي ٢٩٧: ٢ - ٢٩٨.
(٢) نفسه ١٠٣: ٢.
(٣) نفسه ١٠٦: ٢ - ١٠٧.
(٤) نفسه: ١٠٨: ٢.
(٥) نفسه ١٠٩: ٢ - ١١٠.
(٦) نفسه ١١٠: ٢.