المال مال اللّه ﷿، والخلق عباد اللّه، ونحن أمناؤه في الأرض. أطلق أرزاق النّاس ولا تقطعها والسّلام» (١).
وركب الحاكم يوم عيد الفطر إلى المصلّى بغير زينة ولا جنائب ولا أبّهة، سوى عشرة أفراس تقاد بسروج ولجم محلاّة بفضّة بيضاء خفيفة، وبنود ساذجة، ومظلّة بيضاء بغير ذهب، عليه بياض بغير طرز ولا ذهب ولا جوهر في عمامته، ولم يفرش المنبر، ومنع النّاس من سبّ السّلف، وضرب في ذلك [رجل] (a) وشهر، وصلّى صلاة عيد النّحر كما صلّى صلاة عيد الفطر من غير أبّهة، ونحر عنه عبد الرّحيم بن إلياس بن أحمد بن المهدي، وأكثر الحاكم من الرّكوب إلى الصّحراء بحذاء في رجله وفوطة على رأسه (٢).
وفي سنة أربع وأربع مائة ألزم اليهود أن يكون في أعناقهم جرس إذا دخلوا الحمّام، وأن يكون في أعناق النّصارى صلبان، ومنع النّاس من الكلام في النّجوم، وأقيم المنجّمون من الطّرقات، وطلبوا فتغيّبوا ونفوا. وكثرت هبات الحاكم وصدقاته وعتقه، وأمر اليهود والنّصارى بالخروج من مصر إلى بلاد الرّوم وغيرها (٣).
وأقيم عبد الرّحيم بن إلياس وليّ العهد، وأمر أن يقال في السّلام عليه:«السّلام على ابن عمّ أمير المؤمنين ووليّ عهد المسلمين»، وصار يجلس بمكان في القصر، وصار الحاكم يركب بدرّاعة صوف بيضاء، ويتعمّم بفوطة وفي رجله حذاء عربي بقبالين، وعبد الرّحيم يتولّى النّظر في أمور الدّولة كلّها. وأفرط الحاكم في العطاء، وردّ ما كان أخذ من الضّياع والأملاك إلى أربابها (٤).
وفي [ثامن عشر] (a) ربيع الآخر أمر بقطع يدي أبي القاسم الجرجرائي (b)، وكان يكتب للقائد غبن، ثم قطع يد غبن فصار مقطوع اليدين، وبعث إليه الحاكم بعد قطع يديه بألف من الذّهب
(a) زيادة من اتعاظ الحنفا. (b) بولاق: الجرجاني. (١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٩٧: ٢. (٢) نفسه ٩٧: ٢ - ٩٩. (٣) نفسه ١٠٠: ٢. (٤) نفسه ١٠٠: ٢ - ١٠١. وعن هذا الموضوع الذي يعدّ خروجا على أصول المذهب الإسماعيلي الذي يشترط أن تكون الإمامة في الأعقاب، راجع أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ١٧١ - ١٧٣ وما ذكر من مراجع و Makarim، S.N.، «Al-Hakim bi Amrillah's Appointment of his Successors»، al-Abhath ٢٣ (١٩٧٠)، pp. ٣١٩ - ٢٥ ..