للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقراءة القرآن، ورتّب به مدرّسا أثابه اللّه على ذلك (١).

ولمّا تكمّل تجديده تحدّث في إقامة جمعة فيه. فنودي في المدينة بذلك، واستخدم له الفقيه زين الدّين (٢) خطيبا، وأقيمت الجمعة فيه في اليوم المذكور. وحضر الأتابك فارس الدّين، والصّاحب بهاء الدّين عليّ بن حنّا، وولده الصّاحب فخر الدّين محمد، وجماعة من الأمراء والكبراء وأصناف العالم على اختلافهم، وكان يوم جمعة مشهودا.

ولمّا فرغ من الجمعة، جلس الأمير عزّ الدّين الحلّي والأتابك والصّاحب، وقرئ القرآن، ودعي للسّلطان. وقام الأمير عزّ الدّين ودخل إلى داره، ودخل معه الأمراء، فقدّم لهم كلّ ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، وانفصلوا (٣).

وكان قد جرى الحديث في أمر جواز الجمعة في الجامع، وما ورد فيه من أقاويل العلماء، وكتبت (a) فتيا أخذ فيها خطوط العلماء بجواز الجمعة في هذا الجامع وإقامتها، فكتب جماعة خطوطهم فيها. وأقيمت صلاة الجمعة به واستمرّت، ووجد النّاس به رفقا وراحة لقربه من الحارات البعيدة من الجامع الحاكمي (٤).

قال: وكان سقف هذا الجامع قد بني قصيرا، فزيد فيه بعد ذلك وعلّي ذراعا. واستمرّت الخطبة فيه حتى بني الجامع الحاكمي (٥) فانتقلت الخطبة إليه بعد ذلك (b)، فإنّ الخليفة كان يخطب فيه جمعة (c)، وفي الجامع الأزهر جمعة (c)، وفي جامع ابن طولون جمعة (c)، وفي جامع مصر جمعة (c).


(a) بولاق: وكتب منها.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: خطبة.
(١) حاشية بخطّ المؤلّف: «قال هشام بن عمّار: حدّثنا يزيد بن أبي مالك عن أبيه قال: كان أبو الدّرداء يصلّي الغداة ثم يقرأ في الحلقة حتى إذا أراد القيام قال: هل من وليمة نشهدها أو عقيقة أو فطرة؟ فإن قال أصحابه: نعم، قام إليها، وإن قالوا: لا، قال: اللّهمّ إنّي أشهدك أنّي صائم. وهو الذي سنّ هذه الحلق التي يقرأ فيها النّاس القرآن بالمساجد إلى اليوم. انتهى».
(٢) الفقيه زين الدّين إدريس بن صالح بن وهيب المصري القليوبي، المتوفى سنة ٦٨١ هـ/ ١٢٨٢ م، أوّل من خطب في الجامع الأزهر بعد إعادة خطبة الجمعة إليه في عهد السّلطان الظّاهر بيبرس. (الصفدي: الوافي بالوفيات ٣١٩: ٨ - ٣٢٠).
(٣) ابن عبد الظاهر: الروض الزاهر ٢٧٧.
(٤) نفسه ٢٧٧؛ بيبرس المنصوري: زبدة الفكرة ١٠٧؛ المقريزي: السلوك ٥٥٦: ١.
(٥) نفسه ٢٧٩.