الأوّل (a) سنة خمس وستين وستّ مائة، أقيمت الجمعة بالجامع الأزهر بالقاهرة (١). وسبب ذلك أنّ الأمير عزّ الدّين أيدمر الحلّي كان جار هذا الجامع من مدّة سنين، فرعى - وفّقه اللّه - حرمة الجار، ورأى أن يكون كما هو جاره في دار الدّنيا أنّه غدا يكون ثوابه جاره في تلك الدّار، ورسم بالنّظر في أمره، وانتزع له أشياء مغصوبة كان شيء منها في أيدي جماعة وحاط أموره حتى جمع له شيئا صالحا.
وجرى الحديث في ذلك، فتبرّع الأمير عزّ الدّين له بجملة مستكثرة من المال الجزيل، واستطلق (b) له من السّلطان جملة من المال، وشرع في عمارته. فعمّر الواهي من أركانه وجدرانه وبيّضه وأصلح سقوفه، وبلّطه وفرشه وكساه حتى عاد حرما في وسط المدينة، واستجدّ به مقصورة حسنة، وأثر فيه آثارا صالحة يثيبه اللّه عليها.
وعمل الأمير بيلبك الخازندار فيه مقصورة كبيرة، رتّب فيها جماعة من الفقهاء لقراءة الفقه على مذهب الإمام الشّافعيّ ﵀ ورتّب في هذه المقصورة محدّثا يسمع الحديث النّبويّ والرّقائق، ووقف على ذلك الأوقاف الدّارّة، ورتّب به سبعة
(a) كذا في السلوك، وفي الروض الزاهر ونهاية الأرب: الثامن من ربيع الأول. (b) بولاق: وأطلق. M.، CIA Egypte I، n ٠? ٤٥٣; Weill، J.D.، Les bois a epigraphes jusqu'a l'epoque mamelouke، pp. ١٦ - ١٨; Pauty، e.، Les bois sculptes jusqu'a l'epoque ayyoubide، pp. ٣٠ - ٣١; Wiet، G.، RCEA VI، n ٠? ٢١٧٣؛ زكي محمد حسن: كنوز الفاطميين ٢٠١ - ٢٠٢). ومحراب متنقّل محفوظ بمتحف الفن الإسلامي برقم ٤٤٢ يحمل كتابة تاريخية بالخط الكوفي تفيد قيام الإمام الآمر بأحكام اللّه بعمل المحراب برسم الجامع الأزهر الشريف في شهور سنة ٥١٩ هـ/ ١١٢٥ م. (Ravaisse، p.، «Sur trois mihrabs en bois sculptes»، MIEII/ ٢ (١٨٨٩)، pp. ٦٢٨ - ٣١; van Berchem، M.، CIA Egypte I، n ٠? ٤٥٥; Weill، J.D.، op.cit.، pp. ٥ - ٦; Pquty، E.، op.cit.، p. ٦٤; Wiet، G.، RCEA VIII، n ٠? ٣٠١٣; Fu'ad Sayyid، A.، op.cit.، pp. ١٩٤، ١٩٨ - ٩٩). (١) أهدى السّلطان الظّاهر بيبرس - بمناسبة إعادة الخطبة إلى الجامع الأزهر - منبرا إلى الجامع ضاع كلّ أثر له الآن، وإن كان قد تخلّف عنه لوح خشبي عليه ثلاثة أسطر من النّسخ المملوكي المبكّر اقتناها في نهاية القرن التاسع عشر المستشرق الفرنسي شارل شيفر Charles Schefer (١٨٢٨ - ١٨٩٨ م)، ثم آلت إلى المتحف الوطني بالجزائر، نصّها: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. ممّا أمر بعمل هذا المنبر المبارك لجامع الأزهر مولانا السّلطان الملك الظّاهر المجاهد المرابط المؤيّد المنصور ركن الدّنيا والدّين أبو الفتح بيبرس الصّالحي قسيم أمير المؤمنين بالدّيار المصرية أعزّ اللّه أنصاره بتاريخ الثّالث عشر من ربيع الأوّل سنة خمس وستين وستّ مائة من الهجرة النبوية». van Berchem، M.، CIA Egypte I، n ٠ ١٢٨; Wiet، G.،) (RCEA XII، n ٠ ٤٥٦٢.