للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له حتى افتتحت مصر، فأقام على الأذان، وضمّ إليه عمرو بن العاص تسعة رجال يؤذّنون هو عاشرهم. وكان الأذان في ولده حتى انقرضوا.

قال أبو الخير: حدّثني أبو مسلم - وكان مؤذّنا لعمرو بن العاص - أنّ الأذان كان أوّله «لا إله إلاّ اللّه» وآخره «لا إله إلاّ اللّه»، وكان أبو مسلم يوصي بذلك حتى مات، ويقول: هكذا كان الأذان.

ثم عرّف عليهم أخوه شرحبيل بن عامر - وكانت له صحبة - وفي عرافته زاد مسلمة بن مخلد في المسجد الجامع، وجعل له المنار ولم يكن قبل ذلك. وكان شرحبيل أوّل من رقي منارة مصر للأذان. وأنّ مسلمة بن مخلد اعتكف في منارة الجامع، فسمع أصوات النّواقيس عالية بالفسطاط، فدعا شرحبيل بن عامر فأخبره بما ساءه من ذلك. فقال شرحبيل: فإنّي أمدّد بالأذان من نصف اللّيل إلى قرب الفجر، فانههم أيّها الأمير أن ينقسوا إذا أذّنت. فنهاهم مسلمة عن ضرب النّواقيس وقت الأذان. ومدّد شرحبيل ومطّط أكثر اللّيل، إلى أن مات شرحبيل سنة خمس وستين (١).

وذكر عن عثمان أنّه أوّل من رزق المؤذّنين. فلمّا كثرت مساجد الخطبة، أمر مسلمة بن مخلد الأنصاري، في إمارته على مصر، ببناء المنار في جميع المساجد خلا مساجد تجيب وخولان. فكانوا يؤذّنون في الجامع أوّلا، فإذا فرغوا أذّن كلّ مؤذّن في الفسطاط في وقت واحد، فكان لأذانهم دويّ شديد.

وكان الأذان أوّلا بمصر كأذان أهل المدينة، وهو: «اللّه أكبر، اللّه أكبر … » وباقيه كما هو اليوم. فلم يزل الأمر بمصر على ذلك في جامع عمرو بالفسطاط، وفي جامع العسكر، وفي جامع أحمد بن طولون وبقيّة المساجد إلى أن قدم القائد جوهر (a)) من بلاد المغرب (a) بجيوش المعزّ لدين اللّه وبنى القاهرة. فلمّا كان في يوم الجمعة الثّامن من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاث مائة، صلّى القائد جوهر الجمعة في جامع أحمد بن طولون، وخطب به عبد السّميع ابن عمر العبّاسي بقلنسوة وشي (b) وطيلسان وشي (c)، وأذّن المؤذّنون: «حيّ على خير العمل».


(a-a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: وسبني.
(c) بولاق: دبسي.
(١) انظر كذلك فيما يلي ٨٩.