القديمة. ويتطلّب تنفيذ ذلك وجود قانون عامّ لحماية المواقع والآثار يمنع فوضى الإساءات المتفرّقة التي من شأنها تشويه شكل المدينة القديمة وتغيير هيئتها، وأن يعهد بتنفيذ ذلك إلى أهل الاختصاص.
ووضع إدمون بوتي Edmond Pauty، في مقاله السّابق الإشارة إليه، خطّة عامّة لحماية المدينة القديمة والحفاظ عليها من خلال تقسيمها إلى مناطق تبعا للمعطيات التالية:
١ - الأحياء ومفارق الطّرق والدّروب التي يتحتّم المحافظة على هيئتها التي وصلت إلينا، والتي لا يسمح فيها سوى بترميمات أو تقوية أو تعديلات داخلية.
٢ - الأحياء ومفارق الطّرق والدّروب التي لا يمكن القيام بأي تغيير أو أعمال توسيع بها إلاّ بشرط المحافظة على انسجامها مع الوسط المحيط بها مع وضع ضوابط لتحديد ارتفاعات المباني الجديدة وطرزها بهذه الأحياء.
٣ - الأحياء ومفارق الطّرق والدّروب التي يسمح فيها بقسط أكبر من الحرية في التّعامل مع منشآت وطرق حديثة ولكن مع تحديد ارتفاعات هذه المباني أيضا.
٤ - إنشاء مناطق حماية حول الآثار المسجّلة مع تحديد ارتفاعات المباني حتى يمكن مشاهدة مآذن المساجد عن بعد على سبيل المثال.
٥ - إنشاء حزام حول المدينة لحمايتها - ما عدا جانبها الغربي - من أجل المحافظة على هيئتها الخارجية.
وواضح أنّ أحدا لم يتنبّه إلى المقترحات المهمّة التي قدّمها بوتي Pauty قبل أكثر من سبعين عاما، الأمر الذي أدّى إلى تشويه هيئة المدينة القديمة وتفاقم وضع آثار القاهرة الإسلامية.
ولعلّ أبسط شيء يمكن تدارك به هذا الضّرر هو منع دخول السّيارات إلى الدّروب الدّاخلية للمدينة (درب سعادة - الخيميّة والسّروجية - الجماليّة - المعزّ لدين اللّه - الخرنفش) وتحويلها إلى مناطق للمشاة مثل ما هو الحال في المدن التاريخية في أوروبا، فالسّيّارات وسيارات النّقل بصفة خاصّة هي أخطر شيء يهدّد الآثار.
أمر آخر هو ضرورة زيادة الوعي الآثاري لدى القاطنين بهذه الأماكن، فبعد العديد من الزّيارات الميدانية لمواقع الآثار التي ذكرها المقريزي لم أجد أيّة معلومة صحيحة عن هذه الآثار لدى جيران هذه الآثار، سواء من السّكان أو العاملين بالمنشآت التجارية والحرفيّة الملاصقة لها.