٣٩٣ هـ/ ١٠٠٣ و ٤٠٣ هـ/ ١٠١٢ م (فيما يلي ١٠٧ - ١١٠)، وأصبح يعرف ب «جامع الحاكم»، وب «الجامع الأنور»، وهي تسمية بدأت في الظّهور في العقود الأولى للقرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، حيث أطلق الفاطميون صيغة أفعل التّفضيل على المساجد التي أنشأها الأئمّة الخلفاء؛ فأصبح «جامع القاهرة» يعرف ب «الجامع الأزهر» و «جامع الحاكم» يعرف ب «الجامع الأنور»، إضافة إلى «الجامع الأقمر» الذي أنشئ بين سنتي ٥١٥ هـ/ ١١٢١ و ٥١٩ هـ/ ١١٢٥ م، و «الجامع الأفخر» الذي أنشئ سنة ٥٤٣ هـ/ ١١٤٨ م.
كان الأنموذج الذي خطّطت على أساسه «المساجد الجامعة» بالأمصار هو تخطيط «المسجد النّبوي» بالمدينة المنوّرة: صحن أو فناء أوسط يحيط به ظلّة أو عدد من الظّلاّت اصطلح على تسميتها بالمقدّم والمؤخّر والمجنّبتين، وكان كبر المساحة التي يشغلها المسجد أو صغرها مرتبطا بتعداد أهالي المنطقة التي شيّد فيها المسجد، وكانت تضاف إليه في بعض الأحيان زيادات حول جدرانه الخارجية - عدا ما وراء جدار القبلة - مثلما حدث مع جامع ابن طولون. وكان الشّكل الخارجي للمسجد يتراوح بين الشّكل المربّع والشّكل المستطيل. كذلك كان عدد أروقته يختلف في ظلّة القبلة (المقدّم) وفي الظّلاّت الأخرى على جوانب الصّحن الباقية، كما كان اتجاه صفوف الأعمدة أو البائكات التي تفصل بين الأروقة يختلف بين الموازة للقبلة أو التّعامد عليها (١).
وفي مصر لا نعرف على وجه التّدقيق التّخطيط الأوّل لل «جامع العتيق»، ولكن من خلال وصف المؤرّخين له نعرف أنّ سقف الجامع كان محمولا على أعمدة قائمة على هيئة صفوف، لكنّنا لا ندري إن كانت هذه الصّفوف ممتدّة بموازة جدار المحراب أم كانت عموديّة عليه، كذلك فإنّنا لا نعلم أكان الجامع مسقوفا بأكمله، أم كان المسقوف جزأه المقدّم فقط؟ وهل كان له صحن تحيط به الأروقة الأربعة أو كان مسقوفا كلّه (٢)؟
وأقدم «المساجد الجامعة» التي احتفظت بتخطيطها الأصلي وتفاصيلها المعمارية في مصر، «جامع ابن طولون» الذي بني سنة ٢٦٥ هـ/ ٨٧٩ م، على طراز جامع سامرّاء في العراق مع مئذنته الفريدة، وأصبح نظام هذا الجامع هو الأنموذج الذي أثّر فيما بعد في تخطيط وبناء
(١) فريد شافعي: العمارة الإسلامية في مصر الإسلامية ٢٤١. (٢) محمود أحمد: جامع عمرو بن العاص بالفسطاط ١٤؛ وانظر فيما يلي ٢٩.