للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقام الأمير أيدغمش بأمر الدّولة، وبعث يستدعي من بلاد الكرك «السّلطان الملك النّاصر شهاب الدّين أحمد بن النّاصر محمد بن قلاوون» - وكان مقيما بقلعة الكرك من أيّام أبيه - فقدم على البرّيّة (a) في عشرة من أهل الكرك ليلة الخميس ثامن عشرين شهر رمضان، وعبر الدّور من قلعة/ الجبل بمن قدم معه، واحتجب عن الأمراء، ولم يخرج لصلاة العيد، ولا حضر السّماط على العادة إلى أن لبس شعار السّلطنة وجلس على التّخت في يوم الاثنين عاشر شوّال، وقلوب الأمراء نافرة منه لإعراضه عنهم، فساءت سيرته.

ثم خرج إلى الكرك في يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة، واستخلف الأمير آق سنقر السّلاري نائب الغيبة (١). فلمّا وصل قبّة النّصر نزل عن فرسه، ولبس ثياب العرب، ومضى مع خواصّه أهل الكرك على البرّيّة (a)، وترك الأطلاب فسارت على البرّ حتى وافته بالكرك، فردّ العسكر إلى بلد الخليل، وأقام بقلعة الكرك وتصرّف أقبح تصرّف. فخلعه الأمراء في يوم الأربعاء حادي عشرين المحرّم سنة ثلاث وأربعين. فكانت مدّته ثلاثة أشهر وثلاثة عشر يوما (٢).

وأقاموا بعده أخاه «السّلطان الملك الصّالح عماد الدّين إسماعيل» في يوم الخميس ثاني عشرين المحرّم المذكور، وقام الأمير أرغون زوج أمّه بتدبير المملكة مع مشاركة عدّة من الأمراء، وسارت الأمراء والعساكر لقتال النّاصر أحمد في الكرك حتى أخذ وقتل. فلمّا أحضرت رأسه إلى السّلطان الصّالح ورآها فزع ولم يزل يعتاده المرض حتى مات ليلة الخميس رابع عشر ربيع الآخر سنة ستّ وأربعين وسبع مائة. فكانت مدّته ثلاث سنين وشهرين وأحد عشر يوما (٣).


(a) بولاق: البريد.
(١) انظر عن نائب الغيبة، فيما تقدم ٦٩٨.
(٢) راجع، ابن حبيب: تذكرة النبيه ٢٧: ٣ - ٣٩؛ الصفدي: أعيان العصر ٣٧٠: ١ - ٣٧٥، الوافي بالوفيات ٨٦: ٨ - ٩٠؛ المقريزي: السلوك ٥٩٣: ٢ - ٦١٩، المقفى الكبير ٦٢٧: ١ - ٦٣٦ (ترجمة هامة)؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٣١٤: ١؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٥٠: ١٠ - ٧٧، المنهل الصافي ١٥٨: ٢ - ١٦٤.
(٣) راجع، ابن حبيب: تذكرة النبيه ٤٠: ٣ - ٧٩؛ الصفدي: أعيان العصر ٥٢٤: ١ - ٥٢٥، الوافي بالوفيات ٢١٩: ٩ - ٢٢٠؛ المقريزي: السلوك ٦١٩: ٢ - ٦٨٠، المقفى الكبير ٦٦: ٢ - ٦٩؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٤٠٦: ١؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٧٨: ١٠ - ١١٥، المنهل الصافي ٤٢٥: ٢ - ٤٢٧.