ودبّر الأمراء بعده أمور الدّولة، حتى قدم من الكرك «السّلطان الملك النّاصر محمد بن قلاوون»، وأعيد إلى السّلطنة مرّة ثانية في يوم الاثنين سادس جمادى الأولى، وقام بتدبير الأمور الأميران سلار نائب السّلطنة، وبيبرس الجاشنكير أستادّار حتى سار كأنّه يريد الحجّ، فمضى إلى الكرك، وانخلع من السّلطنة. فكانت مدّته تسع سنين وستة أشهر وثلاثة عشر يوما.
فقام من بعده «السّلطان الملك المظفّر ركن الدّين بيبرس الجاشنكير» أحد مماليك المنصور قلاوون، في يوم السبت ثالث عشرين ذي الحجّة سنة ثمان وسبع مائة، حتى فرّ من قلعة الجبل في يوم الثلاثاء سادس عشر رمضان سنة تسع وسبع مائة، فكانت مدّته عشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما (١).
ثم قدم من الشّام في العساكر «السّلطان الملك النّاصر محمد بن قلاوون»، وأعيد إلى السّلطنة مرّة ثالثة في يوم الخميس ثاني شوّال منها، فاستبدّ بالأمر حتى مات في ليلة الخميس حادي عشرين ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبع مائة. وكانت مدّته الثّالثة اثنتين وثلاثين سنة وشهرين وخمسة وعشرين يوما، ودفن بالقبّة المنصورية على أبيه (٢).
وأقيم بعده ابنه «السّلطان الملك المنصور سيف الدّين أبو بكر» بعهد أبيه، في يوم الخميس حادي عشرين ذي الحجّة، وقام الأمير قوصون بتدبير الدّولة، ثم خلعه بعد تسعة وخمسين يوما في يوم الأحد لعشرين من صفر سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة (٣).
وأقام بعده أخاه «السّلطان الملك الأشرف علاء الدّين كجك بن النّاصر محمد بن قلاوون» ولم يكمل له من العمر ثمان سنين. فتنكّرت قلوب الأمراء على قوصون، وحاربوه وقبضوا عليه كما ذكر في ترجمته، وخلعوا الأشرف في يوم الخميس أوّل شعبان. فكانت مدّته خمسة أشهر وعشرة أيّام (٤).
(١) سترد ترجمة مفصّلة للسّلطان المظفّر ركن الدّين بيبرس، السّلطان الشّركسي الوحيد في دولة المماليك البحرية (الأتراك) فيما يلي ٤١٧: ٢ - ٤١٨. (٢) سترد ترجمة مفصّلة للسّلطان النّاصر محمد بن قلاوون فيما يلي ٣٠٤: ٢ - ٣٠٦. (٣) راجع، ابن حبيب: تذكرة النبيه ١٧: ٣، ٢٤ - ٢٥؛ المقريزي: السلوك ٥٥١: ٢ - ٥٧٠؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٣: ١٠ - ٢٠. (٤) راجع، ابن حبيب: تذكرة النبيه ٢٦: ٣؛ الصفدي: أعيان العصر ١٤٨: ٤ - ١٤٩، الوافي بالوفيات ٣٣٠: ٢٤ - ٣٣١؛ المقريزي: السلوك ٥٧١: ٢ - ٥٩٣؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٣٥١: ٣ - ٣٥٢؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٢١: ١٠ - ٤٩، المنهل الصافي ١٢٠: ٩ - ١٢٢، وفيما يلي ٣٠٧: ٢.