للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعقب ذلك تحرّك الفرنج على بلاد المسلمين في سنة تسع وتسعين. فكانت معهم عدّة حروب على بلاد الشّام آلت إلى أن عقد العادل معهم الهدنة. فعاودوا الحرب في سنة ستّ مائة، وعزموا على أخذ القدس، وكثر عيثهم وفسادهم. وكانت لهم وللمسلمين شئون آلت إلى نزولهم على مدينة دمياط في رابع ربيع الأوّل سنة خمس عشرة وستّ مائة والعادل يومئذ بالشّام. فخرج الملك الكامل لمحاربتهم، فمات العادل بمرج الصّفّر في يوم الخميس سابع جمادى الآخرة منها، وحمل إلى دمشق. فكانت مدّة سلطنته بديار مصر تسع عشرة سنة وشهرا واحدا وتسعة عشر يوما.

وقام من بعده ابنه «السّلطان الملك الكامل ناصر الدّين أبو المعالي محمد» بعهد أبيه، فأقام في السّلطنة عشرين سنة وخمسة وأربعين يوما، ومات بدمشق يوم الأربعاء حادي عشرين رجب سنة خمس وثلاثين وستّ مائة (١).

وأقيم بعده ابنه «السّلطان/ الملك العادل سيف الدّين أبو بكر»، فاشتغل باللّهو عن التّدبير، وخرجت عنه حلب، واستوحش منه الأمراء لتقريبه الشّباب. وسار أخوه الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب من بلاد الشّرق إلى دمشق وأخذها في أوّل جمادى الأولى سنة ستّ وثلاثين، وجرت له أمور آخرها أنّه سار إلى مصر. فقبض الأمراء على العادل وخلعوه يوم الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستّ مائة فكانت سلطنته سنتين وثلاثة أشهر وتسعة أيّام (٢).

وقام بالسّلطنة (a) بعده أخوه «السّلطان الملك الصّالح نجم الدّين أبو الفتوح أيّوب»، فاستولى على قلعة الجبل في يوم الأحد رابع عشرين ذي القعدة، وجلس على سرير


(a) بياض في آياصوفيا. البغدادي: الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر، ٨٥ - ١٠٦، ودراسة منيرة شابوتو رمادي Chapoutot-Remadi، M.، «Une grande Crise a la fin du XII siecle en Egypte»، JESHO XXVI (١٩٨٣)، pp. ٢١٦ - ٤٥.
(١) سترد ترجمة مفصّلة للملك الكامل محمد، فيما يلي ٣٧٥: ٢ عند ذكر دار الحديث الكاملية.
(٢) انظر أخبار الملك العادل الثاني الأيّوبي عند، ابن خلكان: وفيات الأعيان ٨٤: ٥ - ٨٥؛ ابن واصل: مفرج الكروب ١٧٤: ٥ - ٢٧٠؛ ابن أبيك: كنز الدرر ٣٢٦: ٧ - ٣٣٩؛ النويري: نهاية الأرب ٢٣٤: ٢٩ - ٢٥٧؛ المقريزي: السلوك ٢٦٧: ١ - ٢٩٦؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٠٣: ٦ - ٣١٨؛ Gibb، H.A.R.، El ٢ art.al-Adi I، p. ٢٠٤.