للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من أمر شيركوه ما كان حتى مات (١)، فأقيم بعده، في وزارة العاضد، ابن أخيه صلاح الدّين يوسف بن أيّوب في يوم الثلاثاء خامس عشرين جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمس مائة، ولقّبه ب «الملك النّاصر»، وأنزله بدار الوزارة من القاهرة؛ فاستمال قلوب النّاس، وأقبل على الجدّ، وترك اللّهو، وتعاضد هو والقاضي الفاضل عبد الرّحيم بن عليّ البيساني على إزالة الدّولة الفاطميّة، وولّى صدر الدّين بن درباس قضاء القضاة، وعزل قضاة الشّيعة، وبنى بمدينة مصر مدرسة للفقهاء المالكيّة، ومدرسة للفقهاء الشّافعيّة، وقبض على أمراء الدّولة، وأقام أصحابه عوضهم، وأبطل المكوس بأسرها من أرض مصر. ولم يزل يدأب في إزالة الدّولة حتى تمّ له ذلك، وخطب لخليفة بغداد المستضيء بأمر اللّه (a) أبي محمد الحسن العبّاسي.

وكان العاضد مريضا، فتوفّي بعد ذلك بثلاثة أيّام، واستبدّ صلاح الدّين بالسّلطنة من أوّل سنة سبع وستين وخمس مائة، واستدعى أباه نجم الدّين أيّوب وإخوته من بلاد الشّام، فقدموا عليه بأهاليهم. وتأهّب لغزو الفرنج، وسار إلى الشّوبك وهي بيد الفرنج فواقعهم، وعاد على (b) أيلة فجبى الزّكوات من أهل مصر، وفرّقها على أصنافها، ورفع إلى بيت المال سهم العاملين وسهم المؤلّفة وسهم المقاتلة وسهم المكاتبين (٢).

وأنزل الغزّ بالقصر الغربي، وأحاط بأموال القصر وبعث بها إلى الخليفة ببغداد وإلى السّلطان الملك العادل نور الدّين محمود بن زنكي بالشّام، فأتته الخلع الخليفيّة فلبسها، ورتّب نوب الطّبلخاناه في كلّ يوم ثلاث مرّات. ثم سار إلى الإسكندرية وبعث ابن أخيه تقيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بن أيّوب على عسكر إلى برقة، وعاد إلى القاهرة.

ثم سار في سنة ثمان وخمسين إلى الكرك - وهي بيد الفرنج - فحصرها وعاد بغير طائل.

فبعث أخاه الملك المعظّم شمس الدّولة توران شاه بن أيّوب إلى بلاد النّوبة، فأخذ قلعة أبريم، وعاد بغنائم وبسبي (c) كثير، ثم سار لأخذ بلاد اليمن فملك زبيد وغيرها (٣).


(a) بولاق: المستنصر بأمر اللّه.
(b) بولاق: إلى.
(c) بولاق: وسبي.
(١) فيما تقدم ٢٠٣: ٢ - ٢٠٥.
(٢) فيما تقدم ٢٩٨: ١.
(٣) فيما تقدم ١٠٩.