للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا «القضاة والعلماء» فإنّ خلعهم من الصّوف بغير طراز، ولهم الطّرحة، وأجلّهم أن يكون أبيض وتحته أخضر، ثم ما دون ذلك (١).

وكانت العادة أنّ أهبة الخطباء - وهي السّواد - تحمل إلى الجوامع من الخزانة، وهي دلق مدوّر، وشاش أسود، وطرحة سوداء، وعلمان أسودان مكتوبان بأبيض أو بذهب، وثياب المبلّغ قدّام الخطيب مثل ذلك خلا الطّرحة. وكانت العادة إذا خلقت الأهبة المذكورة، أعيدت إلى الخزانة، وصرف عوضها (٢).

وكانت للسّلطان عادات بالخلع: تارة في ابتداء سلطنته، وتشمل حينئذ الخلع سائر أرباب المملكة. بحيث خلع في يوم واحد - عند إقامة الأشرف كجك بن النّاصر محمد بن قلاوون - ألف ومائتا تشريف في وقت لعبه بالكرة على أناس جرت عوائدهم بالخلع في ذلك الوقت، كالجوكندارية والولاة ومن له خدمة في ذلك (٣). وتارة في أوقات الصّيد عندما يسرح، فإذا حصّل أحد شيئا ممّا يصيده خلع عليه قباء مسجّفا ممّا يناسب خلعة مثله على قدره، وكذلك يخلع على البزدارية وحملة الجوارح ومن يجري مجراهم عند كلّ صيد.

وكانت العادة أيضا أن ينعم على غلمان الطّشت خاناه والشّراب خاناه والفراش خاناه، ومن يجري مجراهم، في كلّ سنة عند أوان الصّيد. وكانت العادة أنّ من يصل إلى الباب من البلاد، أو يرد عليه أو يهاجر من مملكة أخرى إليه، أن ينعم عليه مع الخلع بأنواع الإدرارات والأرزاق والإنعامات (٤). وكذلك التّجّار الذين يصلون إلى السّلطان، ويبيعون عليه، لهم مع الخلع الرّواتب الدّائمة من الخبز واللّحم والتّوابل والحلوى والعليق والمسامحات، بنظير كلّ ما يباع من الرّقيق المماليك والجواري، مع ما يسامحون به أيضا من حقوق أخرى تطلق.

وكلّ واحد من التّجّار إذا باع على السّلطان، ولو رأسا واحدا من الرّقيق، فله خلعة مكملة بحسبه - خارجا عن الثّمن وعمّا ينعم به عليه أو يسفّر به - من مال السّبيل، على سبيل القرض ليتاجر به (٥).


(١) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٧٢، ٥٠ - ٥١.
(٢) نفسه ٧٢.
(٣) انظر عن الجوكندار، فيما تقدم ٣٩١ - ٣٩٢ هـ ١.
(٤) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٧٣ - ٧٤.
(٥) نفسه ٧٤.