وكانت العادة أن يطالع نوّاب المملكة السّلطان بما يتجدّد عندهم: تارة على أيدي البريدية، وتارة على أجنحة الحمام، فتعود إليهم الأجوبة السّلطانية وعليها «العلامة». فإذا ورد البريدي، أحضره أمير جاندار - وهو من أمراء الألوف - والدّوادار وكاتب السّرّ بين يدي السّلطان، فيقبّل البريدي الأرض ويأخذ الدّوادار الكتاب فيمسحه بوجه البريدي، ثم يناوله للسّلطان فيفتحه.
ويجلس حينئذ كاتب السّرّ ويقرأه على السّلطان سرّا، فإن كان أحد من الأمراء حاضرا تنحّى حتى يفرغ من القراءة، ويأمر السّلطان فيه بأمر. وإن كان الخبر على أجنحة الحمام فإنّه يكتب في ورق صغير خفيف، ويحمل على الحمام الأزرق.
وكان لحمام الرّسائل مراكز كما كان للبريد مراكز، وكان بين كلّ مركزين من البريد أميال، وفي كلّ مركز عدّة خيول - كما بيّناه في ذكر الطّريق فيما بين مصر والشّام (١) - وكانت مراكز الحمام كلّ مركز منها ثلاثة مراكز من مراكز البريد، فلا يتعدّى الحمام ذلك المركز، وينقل عند نزوله المركز ما على جناحه إلى طائر آخر حتى يسقط بقلعة الجبل، فيحضره البرّاج، ويقرأ كاتب السّرّ البطاقة. وكلّ هذا ممّا يعلّم عليه بالقصر.
وممّا كان يحضر إلى القصر بالقلعة في كلّ يوم ورقة الصّباح، يرفعها والي القاهرة ووالي مصر، وتشتمل على إنهاء ما تجدّد في كلّ يوم وليلة بحارات البلدين وأخطاطهما، من حريق أو قتل قتيل أو سرقة سارق ونحو ذلك، ليأمر السّلطان فيه بأمره.
= (JA ٢٣٤ (١٩٤٣ - ٤٥)، pp. ١٦٧ - ٧٢. والعادة أن تكون فوق وصل بياض فوق البسملة، وكان لها موظف مخصوص بعملها وتحصيلها بالديوان، فإذا كتب الكاتب منشورا أخذ من تلك الطّغراوات وألصق فيما كتب به (ابن فضل اللّه العمري: التعريف بالمصطلح الشريف ١١٧؛ القلقشندي: صبح ١٦٢: ١٣، وانظر الأنموذج المرفق؛ وراجع كذلك Nielsen، J.S.، «A Note on the Origin of the Turra in Early Mamluk Chancery Practice»، Der Islam ٥٧ (١٩٨٠)، pp. ٢٨٨ - ٩٢; Gazagnadou، D.، «Remarques sur le probleme de l'origine d'une pratique des chacelleries mamlukes: la Turra»، SI ٦٤ (١٩٨٦)، pp. ١٦٠ - ٦٤; Bosworth، C.E، El art. Tughra X، pp. ٦٣٩ - ٤٠.L ٢ (١) فيما تقدم ٦١٤: ١ - ٦١٦.