للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخافون. فسرّ الكاهن بذلك وتوجّه إلى أمّ الملك يعرّفها ذلك، فسارت إلى الهيكل وسمعت كلام العقاب، فسرّها ذلك وأعظمته. وبلغ الملك فركب إلى الهيكل حتى خاطبه وأمره ونهاه.

فسجد له، وأقام له سدنة، وأمر أن يزيّن بأصناف الزّينة. وكان مرقونس يقوم بهذا الهيكل، ويسجد لتلك الصّورة، ويسألها عمّا يريد فتخبره.

وعمل من الكيمياء ما لم يعمله أحد من الملوك، فيقال: إنّه دفن في صحراء الغرب خمس مائة دفين. ويقال: إنّه عمل على باب مدينة صا عمودا عليه صنم في صورة امرأة جالسة وفي يدها مرآة تنظر إليها، وكان العليل يأتي إلى هذه المرآة وينظر فيها أو ينظر له أحد فيها فإن كان يموت من علّته تلك رئي ميّتا، وإن كان يعيش رآه حيّا، وينظر فيها أيضا للمسافر فإن رأوه مقبلا بوجهه علموا أنّه راجع، وإن رأوه مولّيا علموا أنّه يتمادى في سفره، وإن كان مريضا أو ميّتا رأوه كذلك في المرآة.

وعمل بالإسكندرية صورة راهب جالس على قاعدة، وعلى رأسه كالبرنس وفي يده كالعكّاز، فإذا مرّ به تاجر جعل بين يديه شيئا من المال على قدر بضاعته، فإن تجاوزه ولو عن بعد من غير أن يضع بين يديه المال لم يقدر على الجواز وثبت قائما مكانه، فكان يجتمع من ذلك مال عظيم يفرّق في الزّمنى والضّعفاء والفقراء.

وعمل في زمنه كلّ أعجوبة ظريفة، وأمر أن يزبر اسمه عليها وعلى كلّ علم وكل طلّسم وكلّ صنم. وعمل لنفسه ناووسا في داخل الأرض، عند جبل يقال له: سدام، وعمل تحته أزجا يقال: إنّ طوله مائة ذراع، وارتفاعه ثلاثون ذراعا، وعرضه عشرون ذراعا، وصفّحة بالمرمر والزّجاج الملوّن، وسقّفه بالحجارة، وعمل فيها دائرة مساطب مبلّطة بزجاج على كلّ مسطبة أعجوبة، وفي وسط الأزج دكّة من زجاج، على كلّ ركن من أركانها صورة تمنع الدّنوّ إليها، وبين كلّ صورتين منارة عليها حجر مضيء، وفي وسط الدّكّة حوض من ذهب فيه جسده بعد ما ضمّد بالأدوية الماسكة، ونقل إليه ذخائره من الذّهب والجوهر وغيره، وسدّ باب الأزج/ بالصّخور والرّصاص، وهيل عليها الرمال.

وكان ملكه ثلاثا وسبعين سنة، وعمره مائتين وأربعين سنة، وكان جميلا، ذا وفرة حسنة، فتنسّكت نساؤه ولزمن الهيكل من بعده (١).


(١) النويري: نهاية الأرب ٨٤: ١٥ - ٨٦.