أضعافه. وكان إذا أحبّ أن يدخل في وزنه أضعاف تلك الأرطال دخل. وقد وجد هذا الدّرهم في كنوزهم ثم في خزائن بني أميّة، وكان الناس يتعجّبون منه.
ووجدوا دراهم أخر قيل: إنّها عملت في وقته أيضا، فيكون الدّرهم منها في ميزان الرّجل، فإذا أراد أن يبتاع حاجة أخذ ذلك الدّرهم وقبّله وقال: اذكر العهد، وابتاع به ما أراد. فإذا أخذ السّلعة ومضى إلى بيته، وجد الدّرهم قد سبقه إلى منزله، ويجد البائع موضع ذلك الدرهم ورقة آس أو قرطاسا أو مثل ذلك بدور الدّرهم.
وفي وقته عملت الآنية الزّجاج التي توزن، فإذا ملئت ماء أو غيره ثم وزنت لم تزد وزنها الأوّل شيئا. وعمل في وقته الآنية التي إذا جعل الماء فيها صار خمرا في لونه ورائحته وفعله.
وقد وجد من هذه الآنية بإطفيح في إمارة هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون، شربة جزع بعروة زرقاء ببياض. وكان الذي وجدها أبو الحسن الصّائغ الخراساني هو ونفر معه، فأكلوا على شاطئ النّيل وشربوا بها الماء فوجدوه خمرا سكروا منه، وقاموا ليرقصوا فوقعت الشّربة فانكسرت عدّة قطع، فاغتمّ الرجل وجاء بها إلى هارون فأسف عليها وقال: لو كانت صحيحة لاشتريتها/ ببعض ملكي (١).
وأمّا الآنية النّحاسية التي تجعل الماء خمرا، فإنّها منسوبة إلى قلوبطرة بنت بطلميوس ملكة الإسكندرية، فكثيرة.
وفي وقته عملت الصّور الحيثميّة من الضّفادع والخنافس والذّباب والعقارب وسائر الحشرات، وكانت إذا جعلت في موضع اجتمع إليها ذلك الجنس، ولا يقدر على مفارقة تلك الصّورة حتى يقتل (٢)؛ وكأنّه يعمل أعماله كلّها بصور درج الفلك وأسمائها وطوالعها، فيتم له من ذلك ما يريده.
وعمل في صحراء الغرب ملعبا من زجاج ملوّن في وسطه قبّة من زجاج أخضر صافي اللّون، فإذا طلعت عليها الشّمس ألقت شعاعها على مواضع بعيدة، وعمل في جوانبه الأربعة أربعة مجالس عالية من زجاج، كلّ مجلس لون، ونقش عليها بغير لونها طلّسمات عجيبة، ونقوشات غريبة وصورا بديعة، كلّ ذلك من زجاج مطلق يشفّ. وكان يقيم في هذا الملعب الأيام، وعمل
(١) النويري: نهاية الأرب ٨٢: ١٥ - ٨٣. (٢) نفسه ٨٣: ١٥.