للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبعدهما قاضي القضاة وجيه الدّين المهلّبي (a) في ولايته.

ثم نفّذهما بعد تنفيذ وجيه الدّين المذكور، في شعبان سنة ثلاث عشرة وسبع مائة، قاضي القضاة بدر الدّين أبو عبد اللّه محمد بن جماعة، وهو حاكم الدّيار المصرية، خلا ثغر الإسكندرية. ويأتي أصل خبر هذه البركة مبيّنا مشروحا من أصلها في مكانه إن شاء اللّه تعالى.

قال: فمن جملة الأوقاف بركة الأشراف المشهورة ببركة الحبش. وهذه البركة حدودها أربعة: الحدّ القبلي ينتهي بعضه إلى أرض العدويّة يفصل بينهما جسر هناك، وباقيه إلى غيطان بساتين الوزير. والحدّ البحري ينتهي بعضه إلى أبنية الآدرّ التي هناك المطلّة عليها، وإلى الطّريق وإلى الجسر الفاصل بينها وبين بركة الشّعيبيّة. والحدّ الشّرقي إلى حدّ بساتين الوزير المذكورة.

والحدّ الغربي ينتهي بعضه إلى بحر النّيل وإلى أراضي دير الطّين، وإلى بعض حقوق جزيرة ابن الصّابوني وجسر بستان المعشوق (١) الذي من حقوق الجزيرة المذكورة.

وهذه البركة وقف الأشراف الأقارب والطّالبيين، نصفين بينهما بالسّويّة، والذي شاهدته من أمرها أنّي وقفت على إسجال قاضي القضاة بدر الدّين أبي المحاسن يوسف السّنجاري تاريخه ثاني عشر ربيع الآخر سنة أربعين وستّ مائة - وهو حينذاك حاكم القاهرة والوجه البحري - على محضر شهد فيه بالاستفاضة أنّ نصف هذه البركة وقف على الأشراف الأقارب الحسينيين، وثبت ذلك عنده.

ورأيت إسجال الشّيخ قاضي القضاة عزّ الدّين عبد العزيز بن عبد السّلام على محضر شهد فيه بالاستفاضة - وهو حين ذلك قاضي مصر والوجه القبلي - وأشهد عليه أنّه ثبت عنده أنّ البركة المذكورة جميعها وقف على الأشراف الطّالبيين، وتاريخ إسجاله التاسع والعشرون من شهر ربيع الآخر سنة أربعين وستّ مائة. ثم نفّذهما جميعا في تاريخ واحد قاضي القضاة وجيه الدّين البهنسي، وهو قاضي القضاة حينذاك، ثم نفّذهما قاضي القضاة بدر الدّين أبو عبد اللّه محمد ابن جماعة، وهو قاضي القضاة بالدّيار المصرية.


(a) بولاق: البهنسي، وهو وجيه الدّين أبو محمد عبد الوهاب بن الحسين بن عبد الوهاب المهلّبي البهنسي الشّافعي، المتوفى سنة ٦٨٥ هـ/ ١٢٨٦ م. (السبكي: طبقات الشافعية الكبرى ٣١٧: ٨ - ٣١٨).
(١) حاشية بخطّ المؤلّف: «بستان المعشوق هو اليوم تجاه رباط الآثار النّبويّة جار في وقفه».