للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبه. ثم إن قرئ كتاب سمعوه جميعا أو لعب نوع من أنواع اللّعب رأوه عن آخرهم، لا يتطاولون فيه بأكثر من المراتب العلية والسفلية (١).

ومن عجائبها «المسلّتان»، وهما جبلان قائمان على سرطانات نحاس في أركانها، كلّ ركن على سرطان. فلو أراد مريد أن يدخل تحتها شيئا حتى يعبّره من جانبه الآخر لفعل (٢).

ومن عجائبها «عمودا الإعياء»، وهما عمودان ملقيان، وراء كل عمود منهما جبل حصبا كصبر الجمار بمنّى، يقبل المعنّى التّعب النّصب بسبع حصيات حتى يلتقي على أحدهما، ثم يرمي وراءه السّبع، ويقوم ولا يلتفت، ويمضي لطيّته، فكأنّما يحمل حملا لا يحس بشيء من تعبه.

ومن عجائبها «القبّة الخضراء»، وهي أعجب قبّة ملبّسة نحاسا كأنّه الذّهب الإبريز، لا يبليه القدم، ولا يخلقه الدّهر.

ومن عجائبها «منية عقبة»، و «قصر فارس»، و «كنيسة أسفل الأرض»، ثم هي مدينة على مدينة، ليس على وجه الأرض مدينة بهذه الصّفة سواها. ويقال: إنّها إرم ذات العماد، سمّيت بذلك؛ لأنّ عمدها ورخامها من البذنجنا والأصطفينذس المخطّط طولا وعرضا.

ومن عجائب مصر أيضا «الجبال التي هي بصعيدها على نيلها»، وهي ثلاثة أجبل: فمنها جبل الكهف، ويقال: الكفّ، ومنها الطّيلمون، ومنها جبل زماخير (a) السّاحرة، يقال: إنّ فيه حلقة من الجبل ظاهرة مشرفة على النّيل، لا يصل إليها أحد، يلوح فيها خطّ مخلوق باسمك اللّهم.

ومن عجائبها «شعب البوقيرات» بناحية أشمون من أرض الصّعيد، وهو شعب (٣) في جبل فيه صدع، تأتيه البوقيرات في يوم من السّنة كان معروفا، فتعرض أنفسها على الصّدع، فكلّما أدخل بوقير منها منقاره في الصّدع مضى لسبيله، فلا يزال يفعل ذلك حتى يلتقي الصّدع على بوقير منها فيحبسه، وتمضي كلّها ولا يزال ذلك الذي يحبسه متعلّقا حتى يتساقط ويتلاشى (٤).


(a) بولاق: زماجير.
(١) انظر فيما يلي ٤٢٩ - ٤٣٢.
(٢) انظر فيما يلي ٦٢١.
(٣) الشّعب الوادي الصغير أو الطريق يخترق الجبال (ياقوت: معجم البلدان ٢٩٦: ٣).
(٤) انظر ابن رستة: الأعلاق النفيسة ٨٢.