وقال ابن زولاق في كتاب «سيرة الإمام المعزّ لدين اللّه» ومن خطّه نقلت (a): وفي هذا الشهر - يعني المحرّم سنة ثلاث وستين وثلاث مائة - تبسّطت المغاربة في نواحي القرافة والمعافر وما قاربها (b)، فنزلوا في الدّور، وأخرجوا النّاس من دورهم، ونقلوا السّكّان، وشرعوا في السّكنى في المدينة، وكان المعزّ قد أمرهم أن يسكنوا أطراف المدينة. فخرج النّاس واستغاثوا إلى المعزّ (c)، فأمر (d) أن يسكنوا نواحي عين شمس. وركب المعزّ بنفسه حتى شاهد المواضع التي ينزلون فيها، وأمر لهم بمال يبنون به - وهو الموضع - المعروف (e) اليوم بالخندق والحفرة وخندق العبيد - وجعل لهم واليا وقاضيا. قال (f): ثم سكن أكثرهم في المدينة مخالطين لأهل مصر. ولم يكن القائد جوهر يبيحهم سكنى المدينة ولا المبيت فيها (g)، وحظر ذلك عليهم، وكان مناديه ينادي كلّ عشيّة:«لا يبيتنّ في المدينة أحد من المغاربة»(١).
وقال ياقوت: منية الأصبغ تنسب إلى الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان (٢)، ولا يعرف اليوم بمصر موضع يعرف بهذا الاسم، وزعموا أنّها القرية المعروفة بالخندق قريبا من شرق القاهرة.
وقال ابن عبد الظّاهر، (h)) وقد ذكر ما قلنا (h): الخندق هو منية الأصبغ، وهو الأصبغ ابن عبد العزيز بن مروان (٣). (h)) واحتفر الخندق عنده الإمام العزيز باللّه في نوبة القرمطي (h).
قال كاتبه (i): وقد وهم ابن عبد الظّاهر فجعل أنّ الخندق احتفره العزيز باللّه، وإنّما احتفره جوهر كما تقدّم. وأدركت الخندق قرية لطيفة يبرز النّاس من القاهرة إليها ليتنزّهوا بها في أيّام النّيل والرّبيع، ويسكنها طائفة كبيرة، وفيها بساتين عامرة بالنخيل الفخر والثّمار الطّيّبة، وبها سوق وجامع تقام فيه (j) الجمعة وعليه قطعة أرض من أرض الخندق يتولاّها خطيبه.
(a) النص في المسودة: قال الفقيه أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن بن زولاق الليثي المصري في كتاب «سيرة أمير المؤمنين المعز لدين اللّه بمصر»، ومن خطه كتبت. (b) آياصوفيا: أقاربها. (c) بولاق: استغاثوا بالمعز. (d) بولاق: فأمرهم. (e) بولاق: الذي يعرف. (f) إضافة من مسودة الخطط. (g) بولاق: بها. (h-h) إضافة من مسودة الخطط. (i) بولاق: مؤلفه. (j) بولاق: به. (١) المقريزي: مسودة الخطط ١٥١ و، اتعاظ الحنفا ١٤٥: ١. (٢) ياقوت: معجم البلدان ٦٧٤: ٤ - ٦٧٥. (٣) لم يرد هذا النّصّ فيما وصل إلينا من كتاب «الروضة البهية» لابن عبد الظاهر، وانظر عن الأصبغ، المقريزي: المقفى الكبير ٢١٣: ٢ - ٢١٤.