للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلطانه بالقبّة السّعيدة، وقد علّقت وفرشت بأنواع السّتور والكلل والفرش. وكان قد تقدّم إلى الأمراء بإحضار أولادهم، فأحضروا وخلع عليهم الخلع المفصّلة على قدرهم. فلمّا كان هذا اليوم أحضروا، وختنوا بأجمعهم بين يدي السّلطان، وأخرجوا فحملوا في المحفّات إلى بيوتهم، وعمّ الهناء كلّ دار. ثم أحضر الأمير نجم الدّين خضر ولد السّلطان فختن، ورمى النّاس (a) جملة من الأموال، اجتمع منها خزانة ملك كبير، فرّقت على من باشر الختان من الحكماء والمزيّنين وغيرهم.

وانقضت هذه الأيّام، وجرى السّلطان فيها على عادته في كونه (b) لم يكلّف أحدا من خلق اللّه تعالى بهديّة يهديها ولا تحفة يتحفه بها في مثل هذه المسرّة، كما جرت عادة من تقدّمه من الملوك. ولم يبق من لا شمله إحسانه غير أرباب الملاهي والمغاني (c)، فإنّه كان في أيّامه لم تنفق لهم سلع ألبتّة (d) (١).

وممّن لعب بهذا الميدان القبق السّلطان الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وعمل فيه المهمّ المشهور (e) الذي لم يعمل في دولة ملوك التّرك (f) بمصر مثله. وذلك أنّ خوند أردوتكين ابنة نوكية - ويقال نوغية - السّلحدارية (٢) اشتملت من السّلطان الملك الأشرف على حمل، فظنّ أنّها تلد ابنا ذكرا يرث الملك من بعده. فأخذ عندما قاربت الوضع في الاحتفال (g)، ورسم لوزيره الصّاحب شمس الدّين محمد بن السّلعوس أن يكتب إلى دمشق بعمل مائة شمعدان نحاس مكفّت بألقاب السّلطان، ومائة شمعدان أخر - منها خمسون من ذهب وخمسون من فضّة - وخمسين سرجا من سروج الزّركش، ومائة وخمسين سرجا من المخيّش، وألف شمعة، وأشياء كثيرة غير ذلك (h). فقدّر اللّه تعالى أنّها ولدت بنتا أنثى (e)، فانقبض لذلك، وكره إبطال ما قد اشتهر عنه عمله (i)) فيعيب النّاس عليه ذلك (i). فأظهر أنّه يريد ختان أخيه محمد وابن أخيه مظفّر الدّين موسى ابن الملك الصّالح عليّ بن قلاوون، فرسم لنقيب الجيش (j) والحجّاب بإعلام الأمراء


(a) بولاق: للناس.
(b) بولاق: كما كان من كونه.
(c) بولاق: الأعاني.
(d) بولاق: لم يتفق لهم مبلغ البتة، وعلى الهامش هنا: بياض سطر.
(e) إضافة من مسودة الخطط.
(f) مسودة الخطط: الدولة التركية.
(g) مسودة الخطط: فلما قاربت الوضع أخذ في الاحتفال لذلك.
(h) مسودة الخطط: من هذه النسبة.
(i-i) إضافة من مسودة الخطط.
(j) بياض في المسودة.
(١) المقريزي: السلوك ٦١٢: ١.
(٢) انظر عنها فيما تقدم ١٦٤.