للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالعسكر ويرى جامع ابن طولون وساحل الحمراء الذي يشرف عليه جنان الزّهري، ويرى بركة الفيل التي كان يشرف عليها الشّرف الذي فوقه قبّة الهواء، ويعرف اليوم هذا الشّرف بقلعة الجبل.

وكان من خرج من مصلّى العيد بظاهر مصر يرى بركتي الفيل وقارون والنّيل؛ فلمّا كانت أيّام الخليفة الحاكم بأمر اللّه أبي عليّ منصور بن العزيز باللّه أبي منصور نزار ابن الإمام المعزّ لدين اللّه أبي تميم معدّ، عمل خارج باب زويلة بابا عرف بالباب الجديد، واختطّ خارج باب زويلة عدّة من أصحاب السّلطان: فاختطّت المصامدة حارة المصامدة، واختطّت اليانسيّة والمنتجبيّة وغيرهما؛ كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب (١).

فلمّا كانت الشّدّة العظمى في خلافة المستنصر باللّه، اختلّت أحوال مصر، وخربت خرابا شنيعا. ثم عمّر خارج باب زويلة في أيّام الخليفة الآمر بأحكام اللّه ووزارة المأمون محمد بن فاتك ابن البطائحي بعد سنة خمس مائة (٢).

فلمّا زالت الدّولة الفاطمية، هدم السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب حارة المنصورة التي كانت سكن العبيد خارج باب زويلة، وعملها بستانا. فصار ما خرج عن باب زويلة بساتين إلى المشهد النّفيسي، وبجانب البساتين طريق يسلك منها إلى قلعة الجبل التي أنشأها السّلطان صلاح الدّين المذكور على يد الأمير بهاء الدّين قراقوش الأسدي، وصار من يقف على باب جامع ابن طولون يرى باب زويلة (٣).

ثم حدثت العمائر التي هي الآن خارج باب زويلة بعد سنة سبع مائة، وصار خارج باب زويلة الآن ثلاثة شوارع: أحدها ذات اليمين والآخر ذات الشّمال، والشّارع الثالث تجاه من خرج من باب زويلة. وهذه الشّوارع الثّلاثة تشتمل على عدّة أخطاط.

فأمّا ذات اليمين فإنّ من خرج من باب زويلة الآن يجد عن يمينه شارعا سالكا ينتهي به في العرض إلى الخليج حيث القنطرة التي تعرف بقنطرة الخرق، وينتهي به في الطّول من باب زويلة إلى خطّ الجامع الطّولوني (٤). وجميع ما في هذا الطّول والعرض من الأماكن كان بساتين إلى ما بعد السبع مائة.


(١) انظر فيما تقدم ٣٣٤.
(٢) انظر فيما تقدم ٥٧.
(٣) المقريزي: مسودة الخطط ٤٢ و- ظ.
(٤) هما شارعا تحت الرّبع، والخيميّة وامتدادها جنوبا الآن.